كتاب التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي (اسم الجزء: 2)
فإن ارتد صاحيًا ثم جن بعد ذلك لم يقتل حال جنونه لأنه يقتل بالإصرار على الردة بعد استتابته والمجنون لا يمكن أن يوصف بالإصرار كما أنه لا يمكن أن يستتاب, فإذا قتله قبل إفاقته أو بعدها وقبل استتابته عزر لتفويته الاستتابة الواجبة ولافتياته على السلطات العامة, ولكنه لا يسأل عن القتل, وإذا كان المجنون المقتول امرأة فلا قود على من قاتلها عند أبى حنيفة, وإنما على القاتل التعزير فقط, لأن الردة تبيح دم صاحبها, وكل جناية على المرتد هدر, ومن قتل المرأة بالردة راجع للشبهة (¬1) .
والقاعدة عند الشافعى وأحمد أن المجنون تنفذ عليه حال جنونه كل جريمة تثبت عليه بالبينة, وعقوبة كل جريمة ثابتة بالإقرار, وإذا كان العدول عن الإقرار لا يسقط الإقرار كالقصاص. أما إذا كانت العقوبة ثابتة بالإقرار وكان العدول عن الإقرار يسقط العقوبة كما هو الحال فى السرقة والزنا والشرب فيوقف التنفيذ حتى يفيق المجنون لاحتمال أنه إذا أفاق عدل عن إقراره فسقطت العقوبة المحكوم بها (¬2) .
وفى مذهب مالك يرون أن الجنون يوقف تنفيذ الحكم ويظل الحكم موقوفًا حتى يفيق المجنون, إلا إذا كانت العقوبة قصاصًا, فإنها على رأى البعض تسقط باليأس من إفاقة المجنون, وباقى الآراء ورأى أبى حنيفة تراجع فى التشريع الجنائي (¬3) .
676- ردة السكران وإسلامه: يرى أبو حنيفة وأصحابه أن
¬_________
(¬1) المغنى ج10 ص76, 110, أسنى المطالب ج4 ص120 وما بعدها, شرح الزرقانى ج8 ص69, 70, بدائع الصنائع ج7 ص134, 135, حاشية ابن عابدين ج3 ص293, 294, شرح فتح القدير ج4 ص387, 407, شرح الأزهار ج4 ص575, المحلى ج10 ص344.
(¬2) أسنى المطالب ج4 ص120, المغنى ج10 ص110, التشريع الجنائى الإسلامى ج1 ص511,512.
(¬3) التشريع الجنائى ج1 ص512.
الصفحة 714
758