كتاب التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي (اسم الجزء: 2)
السكران حكمه حكم المجنون فلا يصح إسلامه ولا تصح ردته, وهم لا يصححون ردته ولا إسلامه استحسانًا, أما حكم القياس عندهم فتصحيح ردته وإسلامه لأن الأحكام مبنية على الإقرار بظاهر اللسان لا على ما فى القلب إذ هو أمر باطن فلا يوقف عليه, أما وجه الاستحسان فإن أحكام الكفر مبنية على الكفر كما أن أحكام الإيمان مبنية على الإيمان, والإيمان والكفر يرجعان إلى التصديق والتكذيب, وإنما كان الإقرار دليلاً عليهما وإقرار السكران لا يصح دليلاً, وإذا لم يصح الدليل لم يثبت المدلول عليه (¬1) .
ويتفق المذهب الظاهرى مع مذهب أبى حنيفة فى هذه المسألة, فالظاهريون لا يعتبرون ردة السكران ولا أى فعل أتاه وهو سكران سواء أدخل السكر على نفسه أم أدخله عليه غيره (¬2) .
وفى مذهب مالك والشافعى وأحمد والشيعة الزيدية خلاف, والرأى الراجح فى هذه المذاهب أو ردة السكران لا تصلح إذا أدخل السكر على نفسه وكان عالمًا بأنه يتناول سكرًا, أما الرأى المرجوح فلا يصحح ردته لأنه زائل العقل ولأن المسألة متعلقة بالاعتقاد (¬3) .
ويلاحظ أن القائلين بتصحيح ردة السكران يصححون إسلامه, وأن القائلين بعدم تصحيح الردة لا يصححون إسلام السكران.
677- ردة الصبى وإسلامه: من المتفق عليه أن ردة الصبى الذى لا يعقل غير صحيحة, ولكنهم اختلفوا فى ردة الصبى الذى يعقل على الوجه الآتى:
فيرى أبو حنيفة ومحمد أن البلوغ ليس شرط للردة فتصح ردة الصبى الذى يعقل, ويرى أبو يوسف أن الصبى الذى لم يبلغ لا تصح ردته, وحجتهما أن الصبى
¬_________
(¬1) بدائع الصنائع ج7 ص134, شرح فتح القدير ج4 ص407.
(¬2) المحلى ج10 ص208, 344, المحلى ج7 ص322 وما بعدها.
(¬3) المغنى ج10 ص108, 110, نهاية المحتاج ج7 ص397, المهذب ج2 ص238, شرح الأزهار ج4 ص575, مواهب الجليل ج4 ص34.
الصفحة 715
758