كتاب التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (اسم الجزء: 4)

ذِكْرُ خَبَرٍ ثَالِثٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ هُوَ أَمْرُ حَتْمٍ لَا نَدْبٍ
2104 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فصلوا قعوداً ـ أجمعون ـ)
= (2107) [5: 1]
Qصحيح - ((الإرواء)) (2/ 119 ـ 120): ق.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدْ زَجَرَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْخَبَرِ -[9]- الْمَأْمُومِينَ عَنِ الِاخْتِلَافِ عَلَى إِمَامِهِمْ إِذَا صَلَّى قَاعِدًا وَهُوَ مِنَ الضَّرْبِ الَّذِي ذَكَرْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ يَزْجُرُ عَنِ الشَّيْءِ بِلَفْظِ الْعُمُومِ ثُمَّ يَسْتَثْنِي بَعْضَ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَزْجُورِ عَنْهُ فَيُبِيحُه لِعِلَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَمَا نَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ بلفظٍ مُطْلَقٍ ثُمَّ اسْتَثْنَى بَعْضَهَا وَهُوَ العرِيَّة فَأَبَاحَهَا بِشَرْطٍ مَعْلُومٍ لِعِلَّةٍ مَعْلُومَةٍ.
وَكَذَلِكَ يَأْمُرُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَمْرَ بِلَفْظِ الْعُمُومِ ثُمَّ يَسْتَثْنِي بَعْضَ ذَلِكَ الْعُمُومِ فَيَحْظُرُهُ لِعِلَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَمَا أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَأْمُومِينَ وَالْأَئِمَّةَ ـ جَمِيعًا ـ أَنْ يُصَلُّوا قِيَامًا إِلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ ثُمَّ اسْتَثْنَى بَعْضَ هذا العموم وهو إذا صلى إمامه قَاعِدًا فَزَجَرَهُمْ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ مَسْتَثْنًى مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ مِنَ السُّنَنِ سَنَذْكُرُهَا فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ ـ إِنْ قَضَى اللَّهُ ذَلِكَ وَشَاءَهُ ـ.

الصفحة 8