كتاب التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (اسم الجزء: 8)

ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ إِظْهَارِ نِعْمَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَانْتِفَاعِهِ بِهَا في داريه
5393 - أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِيهِ:
أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، فِي هَيْئَةِ أَعْرَابِيٍّ فَقَالَ:
((مالك مِنَ الْمَالِ؟ ))، قَالَ: مِنْ كُلِّ الْمَالِ قَدْ آتَانِيَ اللَّهُ، قَالَ:
((إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى الْعَبْدِ نِعْمَةً؛ أَحَبَّ أَنْ تُرَى بِهِ)).
= (5417) [66: 3]
Qصحيح ـ انظر ما قبله.
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْمَرْءِ أَنْ تُرى عَلَيْهِ أَثَرُ نِعْمَةِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ النِّعْمَةُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ قَلِيلَةً إِذِ الْقَلِيلُ مِنْ نِعَمِ الله كثير
5394 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ (¬1)، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: -[61]-
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ أَنْمَارٍ، قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا نَازِلٌ تَحْتَ شَجَرَةٍ؛ إِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلُمَّ إِلَى الظِّلِّ، قَالَ: فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال جَابِرٌ: فقُمتُ إِلَى غِرارة لَنَا، فَالْتَمَسْتُ فِيهَا، فَوَجَدْتُ فِيهَا جِرْو قِثَّاءٍ، فَكَسَرْتُهُ، ثُمَّ قَرَّبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: -[62]-
((مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا؟ ))، فَقُلْتُ: خَرَجْنَا بِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! مِنَ الْمَدِينَةِ، قَالَ جَابِرٌ: وَعِنْدَنَا صَاحِبٌ لَنَا نُجَهِّزُهُ؛ لِيَذْهَبَ يَرْعَى ظَهَرْنَا، قَالَ: فَجَهَّزْتُهُ، ثُمَّ أَدْبَرَ يَذْهَبُ فِي الظَّهْرِ - وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ لَهُ قَدْ خَلُقَا، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
((أَمَا لَهُ ثَوْبَانِ غَيْرُ هَذَيْنِ؟! ))، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَهُ ثَوْبَانِ فِي الْعَيْبَةِ، كَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا، قَالَ:
((فادْعُهُ؛ فَمُرْهُ فَلْيَلْبَسْهُمَا))، قَالَ: فَدَعَوْتُهُ، فَلَبِسَهُمَا، ثُمَّ وَلَّى يَذْهَبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((ماله ضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ؟! أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا؟! ))، فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فِي سَبِيلِ الله؟! فقال رسول الله:
((فِي سَبِيلِ اللَّهِ))، فَقُتِلَ الرَّجُلُ فِي سَبِيلِ الله.
= (5418) [67: 1]
Qصحيح - انظر التعليق.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَكَذَا كَانَتْ نِيَّةُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبِدَايَةِ.
وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ جَابِرًا مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وتسعين، وَمَاتَ أَسْلَمُ - مَوْلَى عُمَرَ - فِي إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَكَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ إِذْ ذَاكَ، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا وَهُوَ كَبِيرٌ، وَمَاتَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ ومئة - وقد عُمِّرَ ـ. -[63]-
¬__________
(¬1) في ((الموطإ)) (3/ 101_ 102).
ومن طريقه: الحاكم (4/ 183)، والبزار (3/ 368/2963)، وإسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين.
وإنما لم يصححه الحاكم من هذا الوجه؛ للخلاف في سماع زيد بن أسلم من جابر، فنفاه ابن معين، وأثبته المؤلف للمعاصرة، وكذا ابن عبد البر في ((التمهيد)) (3/ 251)، وعزاه لجمع، لكنه كان قد ذكر في (المقدمة) (1/ 36) ما يدل على أنه كان يُدلِّس، وذكره العلائي في ((المراسيل)) (ص 216/ 211).
ولعل تدليس زيد من النوع المغتفر لقلَّتِه، ولذلك ذكره الحافظ في المرتبة الأولى من رسالته ((طبقات المدلسين)).
على أن الحاكم والبزار (2962) قد وصلاه من طريق هشام بن سعد، عن زيد بن سعد، عن عطاء بن يسار، عن جابر.
والبزار ـ أيضا ـ (2964) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عن عطاء ... به.
وإسناد هشام حسن، وصححه الحاكم.
والآخر فيه عنعنة ابن إسحاق.
فإذا كان زيد لم يسمعه من جابر؛ فيكون الواسطة بينهما عطاء بن يسار، وهو ثقة اتفاقاً، والله ـ سبحانه وتعالى أعلم ـ.

الصفحة 60