كتاب التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (اسم الجزء: 9)

ذِكْرُ الْيَوْمِ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ
6128 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقَالَ:
(خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ آخِرِ الْخَلْقِ مِنْ آخر ساعة من ساعات الجمعة)
= (6161) [4: 3]
Qصحيح ـ ((الصحيحة)) (1833)، ((المشكاة)) (5735)، ((مختصر العلو)) (111 ـ 113) (¬1).
¬__________
(¬1) انظر الرد على بعض المقلّدة الذين أعلّوا الحديث بالتقليد , لا بالعلة القادحة , المطبوع في آخر المجلد الثاني من ((الصحيحة)) تحت الاستدراك رقم (14).
ذِكْرُ وَصْفِ طُولِ آدَمَ حَيْثُ خَلْقَهُ اللَّهُ جل وعلا
6129 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا -[19]- مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ وَطُولِهِ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمَّا خَلْقَهُ قَالَ: اذْهَبْ فسلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفْرِ ـ وَهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ ـ فاستَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تحيَّتُك وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ قَالَ: فَذَهَبَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَمْ فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ قَالَ: فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمْ يَزَل الخَلْقُ يَنْقُصُ حتى الآن
= (6162) [4: 3]
Qصحيح ـ ((الصحيحة)) (449)، ((صحيح الأدب المفرد)) (449): ق.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذَا الْخَبَرُ تعلَّق بِهِ مَنْ لَمْ يُحْكِمُ صِنَاعَةَ الْعِلْمِ وَأَخَذَ يُشَنِّعُ عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يَنْتَحِلُونَ السُّنَنَ ويذُبُّون عَنْهَا وَيَقْمَعُونَ مَن خَالَفَهَا بِأَنْ قَالَ: لَيْسَتْ تَخْلُو هَذِهِ (الْهَاءُ) مِنْ أَنْ تُنْسَبَ إِلَى اللَّهِ أَوْ إِلَى آدَمَ فَإِنْ نُسِبَتْ إِلَى اللَّهِ كَانَ ذَلِكَ كفراًَ إِذْ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] وَإِنْ نُسِبَتْ إِلَى آدَمَ تعرَّى الْخَبَرُ عَنِ الْفَائِدَةِ لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ خُلِقَ عَلَى صُورَتِهِ لَا عَلَى صُورَةِ غَيْرِهِ
وَلَوْ تَمَلَّقَ قَائِلُ هَذَا إِلَى بَارِئِهِ فِي الْخَلْوَةِ وَسَأَلَهُ التَّوْفِيقَ لِإِصَابَةِ الْحَقِّ وَالْهِدَايَةِ لِلطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ فِي لُزُومِ سُنَنِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَانَ أَوْلَى بِهِ مِنَ الْقَدْحِ فِي مُنْتَحِلِي السُّنَنِ بِمَا يَجْهَلُ مَعْنَاهُ وَلَيْسَ جَهْلُ الْإِنْسَانِ بِالشَّيْءِ دَالًا عَلَى نَفْيِ الْحَقِّ عَنْهُ لِجَهْلِهِ بِهِ
وَنَحْنُ نَقُولُ: أَنَّ أَخْبَارَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِذَا صحَّت مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ ـ لَا تَتَضَادَّ وَلَا تَتَهَاتَرُ وَلَا تَنْسَخُ الْقُرْآنَ بَلْ لِكُلِّ خَبَرٍ مَعْنًى مَعْلُومٌ يُعْلم وَفَصْلٌ صَحِيحٌ يُعْقَلُ به يعقِلهُ الْعَالِمُونَ
فَمَعْنَى الْخَبَرِ ـ عِنْدَنَا ـ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ): إِبَانَةُ فَضْلِ -[20]- آدَمَ عَلَى سَائِرِ الْخَلْقِ (وَالْهَاءُ) رَاجِعَةٌ إِلَى آدَمَ وَالْفَائِدَةُ مِنْ رُجُوعِ (الْهَاءِ) إِلَى آدَمَ دُونَ إِضَافَتِهَا إِلَى الْبَارِئِ جَلَّ وَعَلَا - جَلَّ رَبُّنَا وَتَعَالَى عَنْ أَنْ يُشبَّه بشيءٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ - أَنَّهُ ـ جَلَّ وَعَلَا ـ جعل سبب الخلق الذي هو المتحرك المتنامي بِذَاتِهِ ـ اجْتِمَاعَ الذَّكَر وَالْأُنْثَى ثُمَّ زَوَالَ الْمَاءِ ـ عَنْ قَرارِ الذَّكَرِ إِلَى رَحِمِ الْأُنْثَى ثُمَّ تغيَّر ذَلِكَ إِلَى الْعَلَقَةِ بَعْدَ مُدَّة ثُمَّ إِلَى الْمُضْغَةِ ثُمَّ إِلَى الصُّورَةِ ثُمَّ إِلَى الْوَقْتِ الْمَمْدُودِ فِيهِ ثُمَّ الْخُرُوجِ مِنْ قَرَارِهِ ثُمَّ الرَّضَاعِ ثُمَّ الْفِطَامِ ثُمَّ الْمَرَاتِبِ الْأُخَرِ ـ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا ـ إِلَى حُلُولِ الْمَنِيَّةِ بِهِ هَذَا وَصْفُ الْمُتَحَرِّكِ النَّامِي بِذَاتِهِ مِنْ خَلْقِهِ وَخَلْقِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَّا آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خَلْقَهُ عَلَيْهَا وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ تَقْدُمُهُ اجْتِمَاعُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَوْ زَوَالُ الْمَاءِ أَوْ قَرَارُهُ أَوْ تَغْيِيرُ الْمَاءِ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً أَوْ تَجْسِيمُهُ بَعْدَهُ فَأَبَانَ اللَّهُ بِهَذَا فَضْلَهُ عَلَى سَائِرِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ خَلْقِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نُطْفَةً فَعَلَقَةً وَلَا عَلَقَةً فَمُضْغَةً وَلَا مُضْغَةً فَرَضِيعًا وَلَا رَضِيعًا فَفَطِيمًا وَلَا فَطِيمًا فَشَابًّا كَمَا كَانَتْ هَذِهِ حَالَةُ غَيْرِهِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ حَشَويَّةٌ يَرْوُونَ مَا لَا يَعْقِلُونَ وَيَحْتَجُّونَ بِمَا لَا يَدْرُونَ!

الصفحة 18