كتاب إتحاف الأريب بشرح الغاية والتقريب

وَثَمَرَةُ الْكَرْمِ، وَشَرَائِطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: الْإِسْلَامُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالْمِلْكُ التَّامُّ، وَالنِّصَابُ»، مَن مَلَكَ مِن ثمرِ النَّخلِ والكَرْمِ -وهو العِنبُ- ما تجبُ فيه الزَّكاةُ، وتوفرتْ فيه هذه الشُّروط؛ وجبتْ عليه الزَّكاةُ، ومن الأدلَّةِ على ذلك حديثُ عتَّابِ بنِ أَسيدٍ رضي الله عنه قال: «أمرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُخْرَصَ العِنَبُ كما يُخْرَصُ النَّخلُ، وتُؤخَذُ زَكاتُه زَبيبًا، كما تُؤخذُ زكاةُ النَّخلِ تمرًا» (¬١).
وقدْرُ النِّصابِ سيأتي إنْ شاءَ اللهُ تعالى، ووجهُ اختصاصِ التَّمرِ والزَّبيبِ أنَّهما مما يُقْتَاتُ ويُدَّخَرُ.
٥ - «وَأَمَّا عُرُوضُ التِّجَارَةِ: فَتَجِبُ الزَّكاة فِيهَا بِالشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْأَثْمَانِ»، سبقَ الكلامُ عن الشُّروطِ، ومن الأدلَّةِ على وجوبِ الزَّكاةِ في عروضِ التِّجارةِ قولُه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: ٢٦٧]؛
قال مُجاهدٌ رحمه الله: «نزلت في التِّجارةِ» (¬٢).
وَبَوَّبَ البخاريُّ رحمه الله بابًا في «صحيحِه»، فقال: «بابُ صدقةِ الكسبِ والتِّجارةِ؛ لقولِه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: ٢٦٧]» (¬٣).
---------------
(¬١) رواه أبو داود (١٦٠٣)، والترمذي (٦٤٤)، والنسائي (٢٦١٨)، وابن خزيمة (٢٣١٦)، وابن حبَّان (٣٢٧٩)، وقوله: «يُخْرَصُ»، الخَرصُ: تقديرُ ما يكونُ من الرُّطبِ تمرًا، ومن العنبِ زبيبًا.
(¬٢) رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٢٢١٩٢)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٧٣٨٧).
(¬٣) «صحيح البخاري» (٢/ ٥٢٣).

الصفحة 132