كتاب إتحاف الأريب بشرح الغاية والتقريب

مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: ١١]، وغَيْرِها مِنَ الآياتِ.
٢ - «وَمَاءُ الْبَحْرِ»؛ أي: المالح؛ لحديثِ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رجلًا سَأَلَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّا نَرْكَبُ البحرَ، ونَحْمِلُ معنا القليلَ مِنَ الماءِ، فإنْ تَوَضَّأْنا به عَطِشْنا، أَفَنَتَوَضَّأُ بماءِ البحرِ؟ فقالَ صلى الله عليه وسلم: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» (¬١).
٣ - «وَمَاءُ النَّهْرِ»؛ أي: العذب، كالنيل والفرات وغيرهما؛ للإجْمَاع على جواز التَّطَهُّرِ به.
٤ - «وَمَاءُ الْبِئْرِ»؛ لحديثِ أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أنَّه قيلَ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنتوضَّأُ مِن بئرِ بُضاعَةَ، وهي بئرٌ يُطْرَحُ فيها الحِيَضُ ولحمُ الكلابِ والنَّتْنُ؟ فقالَ صلى الله عليه وسلم: «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» (¬٢).
٥ - «وَمَاءُ الْعَيْنِ»، كالنَّابعةِ مِنَ الأرضِ أو الجبلِ، والأصلُ فيه الحديثُ السَّابقُ، والقياسُ على ماءِ البئرِ، وهو طاهرٌ بالإجماعِ.
٦ - «وَمَاءُ الثَّلْجِ»؛ لحديثِ أبي هُريرةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذا كبَّرَ في الصَّلاةِ سَكَتَ بَيْنَ التَّكبيرِ والقراءةِ هُنَيَّةً، فقالَ أبو هُريرةَ بأبي أنتَ وأُمِّي يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ سُكوتَكَ بَيْنَ التَّكبيرِ والقِراءةِ، ما تَقولُ؟ قالَ صلى الله عليه وسلم أَقولُ: «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا
---------------
(¬١) رواه أحمد (٨٧٢٠)، وأبو داود (٨٣)، والترمذي (٦٩)، والنسائي (٥٩)، وابن ماجه (٣٨٦)، وقال الترمذي: «هذا حديثٌ حسنٌ صحيح».
(¬٢) رواه أحمد (١١٢٧٥)، وأبو داود (٦٦)، والترمذي (٦٦)، والنسائي (٣٢٦)، وقال الترمذي: «هذا حديثٌ حَسَن»، و «الحِيَضُ»: جمع حِيضة، وهي الخرقة التي تستعملها المرأة في دم الحيض لتمسحه بها، أو لتشد فرجها بها لتمنع سيلان الدم.

الصفحة 14