كتاب إتحاف الأريب بشرح الغاية والتقريب
قال الشافعيُّ رحمه الله: «إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أتي بِعَرَقِ تَمْرٍ فدفعَه إلى رجلٍ، وأمرَه أنْ يُطعِمَه ستينَ مسكينًا، والعَرَقُ فيما يقدَّرُ خمسةَ عشرَ صاعًا، وذلكَ ستُّونَ مُدًّا لكلِّ مسكينٍ مدٌّ» (¬١).
ويكونُ المُدُّ من غالبِ قُوتِ أهلِ البلدِ، وهو يُساوي بالوزنِ (٦٠٠) جرامًا تقريبًا.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ مِنْ رَمَضَانَ أَطْعَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدًّا»؛ لحديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ، فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ» (¬٢).
وفي رواية: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَهُ، فَعَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مُدٌّ لِمِسْكِينٍ» (¬٣).
وقال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: «إذا مرِضَ الرَّجلُ في رمضانَ، ثمَّ ماتَ ولم يَصُمْ؛ أُطْعِمَ عنه» (¬٤).
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالشَّيْخُ إِنْ عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ يُفْطِرُ وَيُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا»، يقول عطاءٌ رحمه الله: سمعتُ ابنَ عباسٍ رضي الله عنهما يقرأُ: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فَلَا يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)، قال:
---------------
(¬١) انظر: «السنن الكبرى» للبيهقي (١٠/ ٥٤).
(¬٢) رواه الترمذي (٧١٨)، وقال: «لا نعرفُه مرفوعًا إلا من هذا الوجهِ، والصحيحُ عن ابنِ عمرَ موقوفٌ».
(¬٣) رواه الطبراني في «الأوسط» (٤٥٣١).
(¬٤) رواه أبو داود (٢٤٠١).
الصفحة 157