كتاب إتحاف الأريب بشرح الغاية والتقريب
بالتَّمرِ السَّنتينِ والثلاثَ، فقال: «مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» (¬١).
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَصِحُّ السَّلَمُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا فِيمَا تَكَامَلَ فِيهِ خَمْسُ شَرَائِطَ:
١ - أَنْ يَكُونَ مَضْبُوطًا بِالصِّفَةِ»؛ أي: أنْ يكونَ المسْلَمُ فيه مضبوطًا بالصِّفَةِ التي لا يعزُّ وجودُها، كالحبوبِ والثِّمارِ والثِّيابِ والدوابِّ والأخشابِ والأحجارِ والحديدِ والرَّصاصِ ونحوِ ذلك من الأموالِ التي تُضْبَطُ بالصِّفاتِ بحيثُ تنتفي عنها الجهالةُ.
٢ - «وَأَنْ يَكُونَ جِنْسًا لَمْ يَخْتَلِطْ بِهِ غَيْرُهُ»، كعلفٍ مخلوطٍ من شعيرٍ وغيرِه -مثلًا- أو طيبٍ مخلوطٍ من مسكٍ وعنبرٍ وغيرِهما، فلا يصحُّ ذلك، لأنَّ نسبةَ كلِّ جنسٍ في الخليطِ مجهولةٌ.
٣ - «وَلَمْ تَدْخُلُهُ النَّارُ لِإِحَالَتِهِ»، فلا يصحُّ السَّلمُ في مطبوخٍ أو مشوِيٍّ؛ لاختلافِ الغرضِ باختلافِ تأثيرِ النارِ فيه، وتعذُّرِ الضَّبطِ؛ أمَّا إذا دخلتْه النارُ للتَّمْيِيزِ؛ كالعسلِ والسَّمنِ فيصحُّ فيه السَّلَمُ.
٤ - «وَأَنْ لَا يَكُونَ مُعَيَّنًا»؛ أي: عَيْنًا حاضرةً، بل يُشْتَرطُ أنْ يكونَ دَيْنًا؛ لأنَّ لفظَ السَّلمِ مَوْضُوعٌ له، فلو قال: أسلمتُ إليك هذا الثوبَ لم ينعقدْ سَلَمًا.
٥ - «وَلَا مِنْ مُعَيَّنٍ»؛ أي: لا يكونُ المُسْلَمُ فيه من موضعٍ معيَّنٍ لا يؤمَنُ انقطاعُه فيه، فلو أسلمَ في تَمْرِ قريةٍ صغيرةٍ، أو
---------------
(¬١) رواه البخاري (٢١٢٤)، ومسلم (١٦٠٤).
الصفحة 195