كتاب إتحاف الأريب بشرح الغاية والتقريب

الخصومةِ- وإلى الغضبِ؛ لأنَّه غالبًا يحصلُ عندَهما، وسواءٌ كان يمينًا أو نذرًا فقدْ جاءَ في حديثِ عقبةَ بنِ عامرٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ» (¬١).
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا شَيْءَ فِي لَغْوِ الْيَمِينِ»، لغوُ اليمينِ: هو ما يجري على اللسانِ دونَ قصدِ الحلفِ، وهذا لا كفارةَ فيه ولا إثمَ، قالَ تعالى: {لَاّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: ٢٢٥]؛ أي: قصدتموه وعزمْتُم عليه.
وقد سُئلتْ عائشةُ رضي الله عنها عن لَغْوِ اليمينِ فقالَت: «هو قولُ الرَّجلِ: لا واللهِ، وبلى واللهِ» (¬٢).
وفي روايةٍ: «هو كلامُ الرَّجلِ في بيتِه: كلَّا واللهِ، وبلى واللهِ» (¬٣).
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِفِعْلِهِ لَمْ يَحْنَثْ»، الحِنْثُ هو عدمُ الوفاءِ باليمينِ، وهو في الأصلِ الذنبُ، قالَ تعالى: {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٤٦]، وأُطلقَ الحِنْثُ على ما ذكر؛ لأنَّه سببٌ له، ومَنْ حلفَ أنْ لا يفعلَ شيئًا فأمرَ غيرَه بفعلِه لم يحنَثْ؛ لأنَّه لم يباشرِ الفعلَ، والفعلُ يُنسبُ إلى مَنْ باشرَه.
---------------
(¬١) رواه مسلم (١٦٤٥).
(¬٢) رواه البخاري (٤٣٣٧).
(¬٣) رواه أبو داود (٣٢٥٤)، وابن حبَّان (٤٦٩٠).

الصفحة 468