كتاب إتحاف الأريب بشرح الغاية والتقريب

وفي الاصطلاحِ: عتقٌ بسببِ حمْلِ الأمةِ من سيدِها وولادتِها.
والأصلُ في مشروعيتِه حديثُ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «أَيُّمَا رَجُلٍ وَلَدَتْ أَمَتُهُ مِنْهُ، فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» (¬١).
فأيُّما رجلٍ وطِئ أمتَه فحمَلت منه ثُمَّ ولدَت، فإنَّها يُقالُ لها: «أمُّ ولدٍ»، ولا يجوزُ بيعُها ولا رهنُها ولا هبتُها، وتكونُ مُعتقَةً بعدَ وفاتِه، ويُقَدَّمُ عتقُها على الديونِ والوصايَا.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِذَا أَصَابَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ، فَوَضَعَتْ مَا تَبَيَّنَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ آدَمِيٍّ حَرُمَ عَلَيْهِ بَيْعُهَا وَرَهْنُهَا، وَهِبَتُهَا، وَجَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالِاسْتِخْدَامِ وَالْوَطْءِ»، إذا وطِئَ السيدُ أمتَه فحمَلت منه ثُمَّ وضعت حملَها، سواءٌ وضعتْه حيًّا أو ميتًا، وسواءٌ كان مكتملَ الخِلقةِ أو لم يكتملْ، حرمُ عليه بيعُها ورهنُها وهبتُها مع بُطلانِ ذلك -أيضًا-، وله استخدامُها، وإجارتُها، ووطؤُها، وتزويجُها، وإنْ ولدَت من غيرِ سيدِها فللمولودِ حكمُها يَعتِقُ معها بموتِ سيدِها، يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضي الله عنهما: «نَهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ, لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ, يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا مَا بَدَا لَه، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» (¬٢).
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ قَبْلَ الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا»، إذا مات السيدُ عتقَتْ أمُّ ولدِه من رأسِ
---------------
(¬١) رواه أحمد (٢٧٥٩)، وابن ماجه (٢٥١٥).
(¬٢) رواه الدارقطني (٤٢٥٠).

الصفحة 501