كتاب التلخيص الحبير ط قرطبة (اسم الجزء: 1)

(فَائِدَة) رَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرِكِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، رَفَعَ يَدَيْهِ فَيَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إنَّك تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، إنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ» قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَجْلِ عَبْدِ اللَّهِ، فَلَوْ كَانَ ثِقَةً لَكَانَ الْحَدِيثُ صَحِيحًا، وَكَانَ الِاسْتِدْلَال بِهِ أَوْلَى مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِحَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَارِدِ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثَ بُرَيْدَةَ نَحْوَهُ، وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: قَالَ تَعَالَى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَيْ لَا أُذْكَرُ إلَّا وَتُذْكَرُ مَعِي، هَذَا التَّفْسِيرُ حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مُجَاهَدٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْهُ.
قُلْتُ: فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ لَا يُسَنُّ فِي أَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَلَا مَعَ الْقِرَاءَةِ فِي الْقِيَامِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ الْقُنُوتِ لِلنَّازِلَةِ، وَحَدِيثُ تَرْكِ الْقُنُوتِ فِيهَا عِنْدَ فَقْدِهَا، وَسَيَأْتِي قُنُوتُ عُمَرَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْلُهُ: ثُمَّ الْإِمَامُ هَلْ يَجْهَرُ بِالْقُنُوتِ قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا يَجْهَرُ لِأَنَّهُ رُوِيَ الْجَهْرُ بِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، الْجَهْرُ بِالْقُنُوتِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ، أَوْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ، قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَرُبَّمَا قَالَ: إذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ اللَّهُمَّ أَنْجِ فُلَانًا» الْحَدِيثُ، وَفِي آخِرِهَا يَجْهَرُ بِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: وَحَدِيثُ بِئْرِ مَعُونَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ بِهِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، هُوَ

الصفحة 450