كتاب التلخيص الحبير ط قرطبة (اسم الجزء: 1)

عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ خَبَّابٍ، وَهَمَ فِيهِ وَكِيعٌ فَقَالَ: عَنْ حَارِثَةَ بَدَلَ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ.
(فَائِدَة) احْتَجَّ الرَّافِعِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ كَشْفِ الْجَبْهَةِ فِي السُّجُودِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِحَدِيثِ أَنَسٍ: «فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ» . فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ يُبَاشِرُونَ الْأَرْضَ بِالْجِبَاهِ، وَعِنْدَ الْحَاجَةِ كَالْحَرِّ يَتَّقُونَهُ بِالْحَائِلِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَطْلُوبُهُمْ السُّجُودَ عَلَى الْحَائِلِ لَأَذِنَ لَهُمْ فِي اتِّخَاذِ مَا يَسْجُدُونَ عَلَيْهِ مُنْفَصِلًا عَنْهُمْ، فَقَدْ ثَبَتَ: «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ، وَعَلَى الْفِرَاشِ» . فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُمْ الْحَائِلُ، وَإِنَّمَا طَلَبُوا مِنْهُ تَأْخِيرَهَا زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَ يُؤَخِّرُهَا وَيُبَرِّدُ بِهَا فَلَمْ يُجِبْهُمْ، وَاَللَّهُ أَعَلْمُ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْهُ، وَصَحَّحَ الْبُخَارِيُّ وَقْفَهُ، وَفِيهِ عَنْ جَابِرٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَالْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ، وَأَعَلَّهُ بِبلهط رَاوِيهِ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَقَالَ: مَجْهُولٌ، وَقَدْ وَثَّقَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَقَالَ: إنَّهُ لَمْ يَرْوِ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ.
(فَائِدَة) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَحَادِيثُ كَانَ يَسْجُدُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ لَا يَثْبُتُ مِنْهَا شَيْءٌ، يَعْنِي مَرْفُوعًا. وَحُكِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ عَمَائِمُ الْقَوْمِ صِغَارًا لَيِّنَةً، وَكَانَ السُّجُودُ عَلَى كَوْرِهَا لَا يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْجَبْهَةِ إلَى الْأَرْضِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْجُدُونَ وَأَيْدِيهِمْ فِي ثِيَابِهِمْ. وَيَسْجُدُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ عَلَى عِمَامَتِهِ. عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ، وَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: هَذَا أَصَحُّ مَا فِي السُّجُودِ عَلَى الْعِمَامَةِ مَوْقُوفًا عَلَى الصَّحَابَة، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي

الصفحة 455