كتاب التلخيص الحبير ط قرطبة (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ: لَمْ يَرِدْ التَّشَهُّدُ بِحَذْفِ التَّحِيَّاتِ وَلَا الصَّلَوَاتِ وَلَا الطَّيِّبَاتِ بِخِلَافِ بَاقِيهَا، هُوَ كَمَا قَالَ وَسَنَسُوقُ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِيهِ جَمِيعَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي نَقْلِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ: يَتَعَيَّنُ لَفْظُ التَّحِيَّاتِ، لِثُبُوتِهَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا، نَعَمْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِإِسْقَاطِ الصَّلَوَاتِ، وَإِثْبَاتِ الزَّاكِيَاتِ بَدَلَهَا.
409 - (80) - حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي التَّشَهُّدِ: مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَثُبُوتِهِ، وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ فِيهِ بِتَعْرِيفِ السَّلَامِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ «سَلَامٌ عَلَيْنَا» بِالتَّنْكِيرِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ «سَلَامٌ عَلَيْكَ» بِالتَّنْكِيرِ أَيْضًا، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي التَّشَهُّدِ. وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. ثُمَّ رُوِيَ بِسَنَدٍ «عَنْ خُصَيْفٍ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إنَّ النَّاسَ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي التَّشَهُّدِ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِتَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ» وَقَالَ الْبَزَّارُ: أَصَحُّ حَدِيثٍ فِي التَّشَهُّدِ عِنْدِي حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، رُوِيَ عَنْهُ مِنْ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ طَرِيقًا، وَلَا نَعْلَمُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ أَثْبَتُ مِنْهُ وَلَا أَصَحُّ أَسَانِيدَ وَلَا أَشْهَرُ رِجَالًا وَلَا أَشَدُّ تَظَافُرًا بِكَثْرَةِ الْأَسَانِيدِ وَالطُّرُقِ، وَقَالَ مُسْلِمٌ: إنَّمَا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ لَا يُخَالِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَغَيْرُهُ قَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي التَّشَهُّدِ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ،

الصفحة 476