كتاب التلخيص الحبير ط قرطبة (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ: قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَزِيدُ: وَارْحَمْ مُحَمَّدًا وَآلَ مُحَمَّدٍ، كَمَا رَحِمْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ أَوْ تَرَحَّمْتَ، قَالَ: وَهَذَا لَمْ يَرِدْ فِي الْخَبَرِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي اللُّغَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ: رَحِمْتَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: رَحِمْتَهُ. وَأَمَّا التَّرَحُّمُ فَفِيهِ مَعْنَى التَّكَلُّفِ وَالتَّصَنُّعِ، فَلَا يَحْسُنُ إطْلَاقُهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى، وَقَدْ سَبَقَهُ إلَى إنْكَارِ التَّرَحُّمِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فَقَالَ فِي الِاسْتِذْكَارِ: رُوِيَتْ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طُرُقٍ مُتَوَاتِرَةٍ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَارْحَمْ مُحَمَّدًا، قَالَ: وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَهُ، وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا، وَقَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي الْخَبَرِ، وَإِذَا صَحَّتْ فِي الْخَبَرِ صَحَّتْ فِي اللُّغَةِ، فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ قَالَ: «مَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ، وَآلِ إبْرَاهِيمَ، وَتَرَحَّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا تَرَحَّمْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ، شَهِدْتُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالشَّفَاعَةِ» وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَفَعَهُ «إذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَارْحَمْ مُحَمَّدًا وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ» وَفِي إسْنَادِهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ كَمَا تَقَدَّمَ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ فِي نَوْعِ الْمُسَلْسَلِ، وَفِي إسْنَادِهِ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، وَهُوَ كَذَّابٌ، وَفِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو إسْرَائِيلَ الْمُلَائِيّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَمِمَّا يَشْهَدُ لِجَوَازِ إطْلَاقِ الرَّحْمَةِ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ حَيْثُ

الصفحة 492