كتاب التلخيص الحبير ط قرطبة (اسم الجزء: 4)

وَرَوَى أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا، وَلَا صُلْحًا، وَلَا اعْتِرَافًا، وَلَا مَا جَنَى الْمَمْلُوكُ.
وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ الزُّهْرِيِّ: مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ نَحْوَهُ.
قَوْلُهُ: يُؤَجِّلُ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ ثَلَاثَ سِنِينَ. يَأْتِي.
1951 - (53) - حَدِيثٌ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالْغُرَّةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ» .
تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةَ. قَوْلُهُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ: لَا أَعْلَمُ مُخَالِفًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: تَكَلَّمَ أَصْحَابُنَا فِي وُرُودِ الْخَبَرِ بِذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: وَرَدَ، وَنُسِبَ إلَى رِوَايَةِ عَلِيٍّ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: وَرَدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ. وَأَمَّا التَّأْجِيلُ فَلَمْ يَرِدْ بِهِ الْخَبَرُ، وَإِنَّمَا أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُمْ أَجَّلُوا الدِّيَةَ ثَلَاثَ سِنِينَ ". أَمَّا الْحَدِيثُ فَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: وَجَدْنَا عَامًّا فِي أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي جِنَايَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْحُرِّ خَطَأً، مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي، وَعَامًّا فِيهِمْ أَيْضًا أَنَّهَا بِمُضِيِّ الثَّلَاثِ سِنِينَ، فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُهَا، وَبِأَسْنَانٍ مَعْلُومَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ. وَسُئِلَ عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ فِيهِ شَيْئًا، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَدَنِيِّ فَإِنَّهُ كَانَ حَسَنَ الظَّنِّ بِهِ - يَعْنِي إبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى - وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ مَنْ عَرَفَهُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ.

الصفحة 62