كتاب التحرير والتنوير (اسم الجزء: 2)
يُخَالُ بِهِ رَاعِي الْحُمُولَةِ طَائِرًا
فَمَعْنَى حَمْلِ الْمَلَائِكَةِ التَّابُوتُ هُوَ تَسْيِيرُهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ الْبَقَرَتَيْنِ السَّائِرَتَيْنِ بِالْعَجَلَةِ الَّتِي عَلَيْهَا التَّابُوتُ إِلَى مَحَلَّةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْبِقَ لَهُمَا إِلْفٌ بِالسَّيْرِ إِلَى تِلْكَ الْجِهَةِ، هَذَا هُوَ الْمُلَاقِي لِمَا فِي كُتُبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
وَقَوْلُهُ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ الْإِشَارَةُ إِلَى جَمِيعِ الْحَالَةِ أَيْ فِي رُجُوعِ التَّابُوتِ مِنْ يَدِ أَعْدَائِكُمْ إِلَيْكُمْ، بِدُونِ قِتَالٍ، وَفِيمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ التَّابُوتُ مِنْ آثَارِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفِي مَجِيئِهِ مِنْ غَيْرِ سَائِقٍ وَلَا إِلْفٍ سَابِقٍ.
[249- 251]
[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 249 الى 251]
فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لَا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ (251)
فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لَا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ.
عطفت الْفَاءُ جُمْلَةَ: (لَمَّا فَصَلَ) ، عَلَى جُمْلَةِ وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ [الْبَقَرَة: 248] إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ [الْبَقَرَة: 247] لِأَنَّ بَعْثَ الْمَلِكِ لِأَجْلِ الْقِتَالِ، يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِلْقِتَالِ الَّذِي سَأَلُوا لِأَجْلِهِ بَعْثَ النَّبِيءِ، وَقَدْ حُذِفَ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ كَلَامٌ كَثِيرٌ مُقَدَّرٌ: وَهُوَ الرِّضَا بِالْمُلْكِ، وَمَجِيءُ التَّابُوتِ، وَتَجْنِيدُ الْجُنُودِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ جُمْلَةُ فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ.
وَمَعْنَى فَصَلَ بِالْجُنُودِ: قَطَعَ وَابْتَعَدَ بِهِمْ، أَيْ تَجَاوَزُوا مَسَاكِنَهُمْ وَقُرَاهُمُ الَّتِي خَرَجُوا مِنْهَا وَهُوَ فِعْلٌ مُتَعَدٍّ لِأَنَّ أَصْلَهُ فَصْلُ الشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ ثُمَّ عَدُّوهُ إِلَى الْفَاعِلِ فَقَالُوا فَصَلَ نَفْسَهُ حَتَّى صَارَ بِمَعْنَى انْفَصَلَ، فَحَذَفُوا مَفْعُولَهُ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَلِذَلِكَ تَجِدُ مَصْدَرَهُ
الْفَصْلُ بِوَزْنِ مَصْدَرِ
الصفحة 495
505