كتاب التحرير والتنوير (اسم الجزء: 7)
وَنَذَرُهُمْ عَطْفٌ عَلَى نُقَلِّبُ. فَحُقِّقَ أَنَّ مَعْنَى نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ نَتْرُكُهَا عَلَى انْقِلَابِهَا الَّذِي خُلِقَتْ عَلَيْهِ، فَكَانَتْ مَمْلُوءَةً طُغْيَانًا وَمُكَابَرَةً لِلْحَقِّ، وَكَانَتْ تَصْرِفُ أَبْصَارَهُمْ عَنِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ، وَلِذَلِكَ أَضَافَ الطُّغْيَانَ إِلَى ضَمِيرِهِمْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَأَصُّلِهِ فِيهِمْ وَنَشْأَتِهِمْ عَلَيْهِ وَأَنَّهُمْ حُرِمُوا لِينَ الْأَفْئِدَةِ الَّذِي تَنْشَأُ عَنْهُ الْخَشْيَةُ وَالذِّكْرَى.
وَالطُّغْيَانُ وَالْعَمَهُ تَقَدَّمَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [15] .
وَالظَّرْفِيَّةُ مِنْ قَوْلِهِ: فِي طُغْيانِهِمْ مَجَازِيَّةٌ لِلدَّلَالَةِ عَلَى إِحَاطَةِ الطُّغْيَانِ بِهِمْ، أَيْ بِقُلُوبِهِمْ. وَجُمْلَةُ: وَنَذَرُهُمْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى نُقَلِّبُ. وَجُمْلَةُ يَعْمَهُونَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي قَوْلِهِ: وَنَذَرُهُمْ. وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أنّ العمه ناشيء عَن الطّغيان.
الصفحة 444
449