كتاب التحرير والتنوير (اسم الجزء: 8-أ)
[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 111]
وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111)
جُمْلَةُ وَلَوْ أَنَّنا مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ وَما يُشْعِرُكُمْ [الْأَنْعَام: 109] بِاعْتِبَارِ كَوْنِ جُمْلَةِ وَما يُشْعِرُكُمْ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ [الْأَنْعَام: 109] ، فَتَكُونُ ثَلَاثَتُهَا رَدًّا عَلَى مَضْمُونِ جُمْلَةِ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ [الْأَنْعَام: 109] إِلَخْ، وَبَيَانًا لِجُمْلَةِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ [الْأَنْعَام: 109] .
رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْمُسْتَهْزِئِينَ، الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، وَالْعَاصِيَ بْنَ وَائِلٍ، وَالْأَسْوَدَ بْنَ عَبْدِ يَغُوثَ، وَالْأَسْوَدَ بْنَ الْمُطَّلِبِ، وَالْحَارِثَ بْنَ حَنْظَلَةَ، مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ. أَتَوْا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَقَالُوا: «أَرِنَا الْمَلَائِكَةَ يَشْهَدُونَ لَكَ أَوِ ابْعَثْ لَنَا بَعْضَ مَوْتَانَا فَنَسْأَلْهُمْ: أَحَقٌّ مَا تَقُولُ» ، وَقِيلَ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا: «لَا نُؤْمِنُ لَكَ حَتَّى يُحْشَرَ قُصَيٌّ فَيُخْبِرُنَا بِصِدْقِكَ أَوِ ائْتِنَا بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا- أَيْ كَفِيلًا-» فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ. وَحَكَى اللَّهُ عَنْهُمْ وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ- إِلَى قَوْلِهِ- أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ: [90- 92] . وَذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ مُسَايَرَةً لِمُقْتَرَحَاتِهِمْ، لِأَنَّهُمُ اقْتَرَحُوا ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ: وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ يُشِيرُ إِلَى مَجْمُوعِ مَا سَأَلُوهُ وَغَيْرِهِ.
الصفحة 5
215