كتاب التحرير والتنوير (اسم الجزء: 12)

لُوطٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي بَنَاتِهِ بِوَصْفِ الْأُبُوَّةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَصرفا بِوَصْف النبوءة بِالْوَحْيِ لِلْمَصْلَحَةِ
أَنْ يَكُونَ مِنْ شَرْعِ لُوطٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- إِبَاحَةُ تَمْلِيكِ الْأَبِ بَنَاتِهِ إِذَا شَاءَ، فَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ شُرَكَاءَ فِي مِلْكِ بَنَاتِهِ كَانَ اسْتِمْتَاعُ كُلِّ وَاحِدٍ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَلَالًا فِي شَرِيعَتِهِ عَلَى نَحْوِ مَا كَانَ الْبِغَاءُ مِنْ بَقَايَا الْجَاهِلِيَّةِ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يُنْسَخَ.
وَأَمَّا لَحَاقُ النَّسَبِ فِي أَوْلَادِ مَنْ تَحْمِلُ مِنْهُنَّ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ لَاحِقًا بِالَّذِي تَلِيطُهُ أُمُّهُ بِهِ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ دَخَلُوا عَلَيْهَا، كَمَا كَانَ الْأَمْرُ فِي الْبَغَايَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَلْحَقَ الْأَوْلَادُ بِآبَاءٍ فَيَكُونُوا لَاحِقِينَ بِأُمَّهَاتِهِمْ مثل ابْن الزِّنَى وَوَلَدِ اللِّعَانِ، وَيَكُونُ هَذَا التَّحْلِيلُ مُبَاحًا ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ، وَهُوَ مِمَّا يُشْرَعُ شَرْعًا مُؤَقَّتًا مِثْلَ مَا شُرِعَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مُحَرَّمًا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.
وَقَدِ اشْتَغَلَ الْمُفَسِّرُونَ عَنْ تَحْرِيرِ هَذَا بِمَسْأَلَةٍ تَزْوِيجِ الْمُؤْمِنَاتِ بِالْكُفَّارِ وَهُوَ فُضُولٌ.
وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ: هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ أَنْ أَمَرَهُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ لِأَنَّهُمْ إِذَا امْتَثَلُوا مَا عَرَضَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ فَاتَّقُوا اللَّهَ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَلا تُخْزُونِ بِحَذْفِ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ تَخْفِيفًا. وَأَثْبَتَهَا أَبُو عَمْرٍو.
وَالْخِزْيُ: الْإِهَانَةُ وَالْمَذَلَّةُ. وَتَقَدَّمَ آنِفًا. وَأَرَادَ مَذَلَّتَهُ.
وفِي لِلظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ. جَعَلَ الضَّيْفَ كَالظَّرْفِ، أَيْ لَا تَجْعَلُونِي مَخْزِيًّا عِنْدَ ضَيْفِي إِذْ يَلْحَقُهُمْ أَذًى فِي ضِيَافَتِي، لِأَنَّ الضِّيَافَةَ جِوَارٌ عِنْدِ رَبِّ الْمَنْزِلِ، فَإِذَا لَحِقَتِ الضَّيْفَ إِهَانَةٌ كَانَتْ عَارًا عَلَى رَبِّ الْمَنْزِلِ.
وَالضَّيْفٌ: الضَّائِفُ، أَيِ النَّازِلُ فِي مَنْزِلِ أَحَدٍ نُزُولًا غَيْرَ دَائِمٍ، لِأَجْلِ مُرُورٍ فِي سَفَرٍ أَوْ إِجَابَةِ دَعْوَةٍ.

الصفحة 128