كتاب التحرير والتنوير (اسم الجزء: 12)

وَعَدَدُ آيِهَا مِائَةٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِ الْعَدَدِ فِي الْأَمْصَارِ.

مِنْ مَقَاصِدِ هَذِهِ السُّورَةِ
رَوَى الْوَاحِدِيُّ وَالطَّبَرِيُّ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قَالَ:
أُنْزِلَ الْقُرْآنُ فَتَلَاهُ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَصْحَابِهِ زَمَانًا، فَقَالُوا (أَيِ الْمُسْلِمُونَ بِمَكَّةَ) :
يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ قَصَصْتَ عَلَيْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [سُورَة يُوسُف: 1، 2] الْآيَاتِ الثَّلَاثَ.
فَأَهَمُّ أَغْرَاضِهَا: بَيَانُ قِصَّةِ يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- مَعَ إِخْوَتِهِ، وَمَا لَقِيَهُ فِي حَيَاتِهِ، وَمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْعِبَرِ مِنْ نَوَاحٍ مُخْتَلِفَةٍ.
وَفِيهَا إِثْبَاتُ أَنَّ بَعْضَ الْمَرَائِي قَدْ يَكُونُ إِنْبَاءً بِأَمْرٍ مُغَيَّبٍ، وَذَلِكَ مِنْ أُصُولِ النُّبُوءَاتِ وَهُوَ مِنْ أُصُولُ الْحِكْمَةِ الْمَشْرِقِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً [سُورَة يُوسُف: 4] الْآيَاتِ.
وَأَنَّ تَعْبِيرَ الرُّؤْيَا عِلْمٌ يَهَبُهُ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ صَالِحِي عِبَادِهِ.
وَتَحَاسُدُ الْقَرَابَةِ بَيْنَهُمْ.
وَلُطْفُ اللَّهِ بِمَنْ يَصْطَفِيهِ مِنْ عباده.
وَالْعبْرَة بِحَسب الْعَوَاقِبِ، وَالْوَفَاءِ، وَالْأَمَانَةِ، وَالصِّدْقِ، وَالتَّوْبَةِ.
وَسُكْنَى إِسْرَائِيلَ وَبَنِيهِ بِأَرْضِ مصر.
وتسلية النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا لَقِيَهُ يَعْقُوبُ وَيُوسُفُ- عَلَيْهِمَا السَّلَامُ- مِنْ آلِهِمْ مِنَ الْأَذَى.
وَقد لَقِي النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آلِهِ أَشَدَّ مَا لَقِيَهُ مِنْ بُعَدَاءِ كَفَّارِ قَوْمِهِ، مِثْلَ عَمِّهِ أَبِي لَهَبٍ، وَالنَّضِرِ بْنِ الْحَارِثِ،

الصفحة 198