كتاب التحرير والتنوير (اسم الجزء: 13)

أَوْ وَلِيَهُ مَنْ لَا يَحِلُّ أَنْ يُوَلَّى. وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ وَلِيَهُ مَنْ لَا تَحِلُّ تَوْلِيَتُهُ وَلَا سَبِيلَ لِعَزْلِهِ إِلَّا بِطَلَبِ أَهْلِهِ» .
وَقَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ: لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا لِأَحَدٍ مِنْ قُدَمَاءِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ غَيْرِ الْمَازِرِيِّ.
وَقَالَ عِيَاضٌ فِي كِتَابِ الْإِمَارَةِ، أَيْ مِنْ «شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ» ، مَا ظَاهِرُهُ الِاتِّفَاقُ عَلَى جَوَازِ الطَّلَبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي «الْمُقَدِّمَاتِ» حُرْمَةُ الطَّلَبِ مُطْلَقًا. قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ: وَإِنَّمَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَا نَقَلَ الْمَازِرِيُّ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ لِلْغَزَّالِيِّ فِي «الْوَجِيز» .
[56، 57]

[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 56 إِلَى 57]
وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (57)
تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ آيَةِ وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ آنِفا.
والتبوؤ: اتِّخَاذُ مَكَانٍ لِلْبَوْءِ، أَيِ الرُّجُوع، فَمَعْنَى التبوؤ النُّزُولُ وَالْإِقَامَةُ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً فِي [سُورَةِ يُونُسَ: 87] .
وَقَوْلُهُ: يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ كِنَايَةٌ عَنْ تَصَرُّفِهِ فِي جَمِيعِ مَمْلَكَةِ مِصْرَ فَهُوَ عِنْدَ حُلُولِهِ بِمَكَانٍ مِنَ الْمَمْلَكَةِ لَوْ شَاءَ أَنْ يَحِلَّ بِغَيْرِهِ لَفَعَلَ، فَجُمْلَةُ يَتَبَوَّأُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا من لِيُوسُفَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بَيَانًا لِجُمْلَةِ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ حَيْثُ يَشاءُ- بِيَاءِ الْغَيْبَةِ- وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ حَيْثُ نَشاءُ- بِنُونِ الْعَظَمَةِ-، أَيْ حَيْثُ يَشَاءُ اللَّهُ، أَيْ حَيْثُ نَأْمُرُهُ أَوْ نُلْهِمُهُ. وَالْمَعْنَى مُتَّحِدٌ لِأَنَّهُ لَا يَشَاءُ إِلَّا مَا شَاءَهُ اللَّهُ.

الصفحة 10