كتاب التحرير والتنوير (اسم الجزء: 16)

وَصَنَادِيدِ الْمُشْرِكَيْنِ الَّذِينَ شَاهَدُوا نَصْرَ الدِّينِ يَوْمَ بَدْرٍ، أَوْ مَنْ أَسْلَمُوا مِثْلَ أَبِي سُفْيَانَ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ. وَمَنْ شَاهَدُوا عِزَّةَ الْإِسْلَامِ. وَيُحْتَمِلُ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ عِلْمَ الْيَقِينِ.
وَقَدْ جَاءَتْ خَاتِمَةُ هَذِهِ السُّورَةِ كَأَبْلَغِ خَوَاتِمِ الْكَلَامِ لِإِيذَانِهَا بِانْتِهَاءِ الْمَحَاجَّةِ وَانْطِوَاءِ بِسَاطِ الْمُقَارَعَةِ.
وَمِنْ مَحَاسِنِهَا: أَنَّ فِيهَا شَبِيهَ رَدِّ الْعَجُزِ عَلَى الصَّدْرِ لِأَنَّهَا تُنَظِّرُ إِلَى فَاتِحَةِ السُّورَةِ.
وَهِيَ قَوْلُهُ مَا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى [طه: 2] ، لِأَنَّ الْخَاتِمَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ كُلَّ مَا بُعِثَ بِهِ مِنَ الْإِرْشَادِ وَالِاسْتِدْلَالِ، فَإِذَا لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فكفاه انثلاج صَدره أَنَّهُ أَدَّى الرِّسَالَةَ وَالتَّذْكِرَةَ فَلَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْخَشْيَةِ فَتَرْكَهُمْ وَضَلَالَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ.

الصفحة 349