كتاب التحرير والتنوير (اسم الجزء: 17)

وَالسَّبَبُ: الْحَبْلُ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ فِي [سُورَةِ الْبَقَرَةِ: 166] .
وَالْقَطْعُ: قِيلَ يُطْلَقُ عَلَى الِاخْتِنَاقِ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الْأَنْفَاسَ.
وَ (مَا) مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ غَيْظَهُ.
وَالِاسْتِفْهَامُ بِ هَلْ إِنْكَارِيٌّ، وَهُوَ مُعَلِّقٌ فِعْلَ فَلْيَنْظُرْ عَنِ الْعَمَلِ، وَالنَّظَرُ قَلْبِيٌّ، وَسُمِّيَ الْفِعْلُ كَيْدًا لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْكَيْدَ فِي أَنَّهُ فَعَلَهُ لِأَنْ يَكِيدَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ التَّهَكُّمِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَكِيدُ بِهِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ يَضُرُّ بِهِ نَفْسَهُ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ثُمَّ لْيَقْطَعْ- بِسُكُونِ لَامِ- لِيَقْطَعْ وَهُوَ لَامُ الْأَمْرِ. فَإِذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْكَلِمَةِ كَانَ مَكْسُورًا، وَإِذَا وَقَعَ بَعْدَ عَاطِفٍ غَيْرِ (ثُمَّ) كَانَ سَاكِنًا مِثْلَ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ [آل عمرَان: 104] . فَإِذَا وَقَعَ بَعْدَ (ثُمَّ) جَازَ فِيهِ الْوَجْهَانِ. وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو وَوَرْشٌ عَنْ نَافِعٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ وَرُوَيْسٌ عَنْ يَعْقُوبَ- بِكَسْر اللَّام-.
[16]

[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 16]
وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (16)
لَمَّا تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ تَبْيِينَ أَحْوَالِ النَّاسِ تُجَاهَ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ بِمَا لَا يَبْقَى بَعْدَهُ الْتِبَاسٌ عُقِّبَتْ بِالتَّنْوِيهِ بِتَبْيِينِهَا، بِأَنْ شُبِّهَ ذَلِكَ التَّبْيِينُ بِنَفْسِهِ كِنَايَةً عَنْ بُلُوغِهِ الْغَايَةَ فِي جِنْسِهِ بِحَيْثُ لَا يُلْحَقُ بِأَوْضَحَ مِنْهُ، أَيْ مِثْلَ هَذَا الْإِنْزَالِ أَنْزَلْنَا الْقُرْآنَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ.
فَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمَلِ الَّتِي قَبْلَهَا عَطْفُ غَرَضٍ عَلَى غَرَضٍ. وَالْمُنَاسَبَةُ ظَاهِرَةٌ، فَهِيَ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ. وَعُطِفَ عَلَى التَّنْوِيهِ

الصفحة 221