كتاب التحرير والتنوير (اسم الجزء: 17)

وَجُمْلَةُ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ مُعْتَرِضَةٌ بِالْوَاوِ.
وَجُمْلَةُ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ مُكْنًى بِهَا عَنْ تَرْكِ السُّجُودِ لِلَّهِ، أَيْ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْجُدُوا لِلَّهِ، وَقَدْ قَضَى اللَّهُ فِي حُكْمِهِ اسْتِحْقَاقَ الْمُشْرِكِ لِعَذَابِ النَّارِ. فَالَّذِينَ أَشْرَكُوا بِاللَّهِ وَأَعْرَضُوا عَنْ إِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ قَدْ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ بِمَا قَضَى اللَّهُ بِهِ وَأَنْذَرَهُمْ بِهِ.
وَجُمْلَةُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ اعْتِرَاضٌ ثَانٍ بِالْوَاوِ.
وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ أَهَانَهُمْ بِاسْتِحْقَاقِ الْعَذَابِ فَلَا يَجِدُونَ مَنْ يُكْرِمُهُمْ بِالنَّصْرِ أَوْ بِالشَّفَاعَةِ.
وَجُمْلَةُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشاءُ فِي مَحَلِّ الْعِلَّةِ لِلْجُمْلَتَيْنِ الْمُعْتَرِضَتَيْنِ لِأَنَّ وُجُودَ حَرْفِ التَّوْكِيدِ فِي أَوَّلِ الْجُمْلَةِ مَعَ عَدَمِ الْمُنْكِرِ يُمَحِّضُ حَرْفَ التَّوْكِيدِ إِلَى إِفَادَةِ الِاهْتِمَامِ فَنَشَأَ مِنْ ذَلِكَ مَعْنَى السَّبَبِيَّةِ وَالتَّعْلِيلِ، فَتُغْنِي (إِنَّ) غَنَاءَ حَرْفِ التَّعْلِيلِ أَوِ السَّبَبِيَّةِ.
وَهَذَا مَوْضِعُ سُجُودٍ مِنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ بِاتِّفَاق الْفُقَهَاء.
[19- 22]

[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 19 إِلَى 22]
هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (22)
مُقْتَضَى سِيَاقِ السُّورَةِ وَاتِّصَالِ آيِ السُّورَةِ وَتَتَابُعِهَا فِي النُّزُولِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْآيَاتُ مُتَّصِلَةَ النُّزُولِ بِالْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَهَا فَيَكُونُ مَوْقِعُ

الصفحة 227