كتاب التحرير والتنوير (اسم الجزء: 17)

وَالْمُرَادُ بِالْقَائِمِينَ: الدَّاعُونَ تُجَاهَ الْكَعْبَةِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ، وَهُوَ مَكَانُ قِيَامِهِ لِلدُّعَاءِ فَكَانَ الْمُلْتَزَمَ مَوْضِعًا لِلدُّعَاءِ. قَالَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نفَيْل:
عذت مِمَّا عاذ بِهِ إِبْرَاهِيم ... مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ وَهْوَ قَائِمْ
وَالرُّكَّعُ: جَمْعُ رَاكِعٍ، وَوَزْنُ فُعَّلٍ يَكْثُرُ جَمْعًا لِفَاعِلٍ وَصْفًا إِذَا كَانَ صَحِيحَ اللَّامِ نَحْوَ: عُذَّلٍ وَسُجَّدٍ.
وَالسُّجُودُ: جَمْعُ سَاجِدٍ مِثْلُ: الرُّقُودِ، وَالْقُعُودِ، وَهُوَ مِنْ جُمُوعِ أَصْحَابِ الْأَوْصَافِ الْمُشَابِهَةِ مصَادر أفعالها.
[27، 28]

[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 27 إِلَى 28]
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ (28)
وَأَذِّنْ عَطْفٌ عَلَى وَطَهِّرْ بَيْتِيَ [الْحَج: 26] . وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مِنْ إِكْرَامِ الزَّائِرِ تَنْظِيفَ الْمَنْزِلِ وَأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ قَبْلَ نُزُولِ الزَّائِرِ بِالْمَكَانِ.
وَالتَّأْذِينُ: رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْإِعْلَامِ بِشَيْءٍ. وَأَصْلُهُ مُضَاعَفُ أَذِنَ إِذَا سَمِعَ ثُمَّ صَارَ بِمَعْنَى بَلَغَهُ الْخَبَرُ فَجَاءَ مِنْهُ آذَنَ بِمَعْنَى أَخْبَرَ. وَأَذِّنْ بِمَا فِيهِ مِنْ مُضَاعَفَةِ الْحُرُوفِ مُشْعِرٌ بِتَكْرِيرِ الْفِعْلِ، أَيْ أَكْثِرِ الْإِخْبَارَ بِالشَّيْءِ. وَالْكَثْرَةُ تَحْصُلُ بِالتَّكْرَارِ وَبِرَفْعِ الصَّوْتِ الْقَائِمِ مَقَامَ التَّكْرَارِ. وَلِكَوْنِهِ بِمَعْنَى الْإِخْبَارِ يُعَدَّى إِلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي بِالْبَاءِ.
وَالنَّاسُ يَعُمُّ كُلَّ الْبَشَرِ، أَيْ كُلَّ مَا أَمْكَنَهُ أَنْ يُبَلِّغَ إِلَيْهِ ذَلِكَ.

الصفحة 242