كتاب التحرير والتنوير (اسم الجزء: 17)

وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ [الْحَج: 40] ، أَوْ عَلَى جُمْلَةِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الْحَج: 40] ، وَالْمَآلُ وَاحِدٌ، وَهُوَ تَحْقِيقُ وُقُوعِ النَّصْرِ، لِأَنَّ الَّذِي وَعَدَ بِهِ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ تَحْقِيقِ وَعْدِهِ مَانِعٌ، وَفِيهِ تَأْنِيسٌ لِلْمُهَاجِرِينَ لِئَلَّا يَسْتَبْطِئُوا النَّصْرَ.
وَالْعَاقِبَةُ: آخِرُ الشَّيْءِ وَمَا يَعْقُبُ الْحَاضِرَ. وَتَأْنِيثُهَا لِمُلَاحَظَةِ مَعْنَى الْحَالَةِ وَصَارَتْ بِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ اسْمًا. وَفِي حَدِيثِ هِرَقْلَ «ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ» .
وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ هُنَا لِلِاهْتِمَامِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَا هُوَ لِلَّهِ فَهُوَ يُصَرِّفُهُ كَيفَ يَشَاء.
[42- 44]

[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 42 إِلَى 44]
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (44)
لَمَّا نَعَى عَلَى الْمُشْرِكِينَ مساويهم فِي شؤون الدِّينِ بِإِشْرَاكِهِمْ وَإِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ وَصَدِّهِمْ عَنِ الْإِسْلَامِ وَعَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا نَاسَبَ ذَلِكَ فِي غَرَضِهِ مِنْ إِخْرَاجِ أَهْلِهِ مِنْهُ، عَطَفَ هُنَا إِلَى ضَلَالِهِمْ بِتَكْذِيبِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَدَ مِنْ ذَلِكَ تَسْلِيَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَمْثِيلَهُمْ بِأَمْثَالِ الْأُمَمِ الَّتِي اسْتَأْصَلَهَا اللَّهُ، وَتَهْدِيدَهُمْ

الصفحة 282