كتاب التحرير والتنوير (اسم الجزء: 17)

مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَتَرَدَّدُونَ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْإِسْلَامِ إِلَى أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ بِحُلُولَ السَّاعَةِ بَغْتَةً أَوْ بِحُلُولِ عَذَابٍ بِهِمْ قَبْلَ السَّاعَةِ، فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُنَا هم مُشْرِكُوا الْعَرَبِ بِقَرِينَةِ الْمُضَارِعِ فِي فِعْلِ لَا يَزالُ وَفِعْلِ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الدَّالَّيْنِ عَلَى اسْتِمْرَارِ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
وَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ جَمْعٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ ضَمِيرَ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ عَائِدٌ إِلَى الْقُرْآنِ الْمَفْهُومِ مِنَ الْمَقَامِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى مَا عَادَ عَلَيْهِ ضَمِيرُ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ [الْحَج: 54] .
والسَّاعَةُ عَلَمٌ بِالْغَلَبَةِ عَلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي اصْطِلَاحِ الْقُرْآنِ، وَالْيَوْمُ: يَوْمُ الْحَرْبِ، وَقَدْ شَاعَ إِطْلَاقُ اسْمِ الْيَوْمِ عَلَى وَقْتِ الْحَرْبِ. وَمِنْهُ دُعِيَتْ حُرُوبُ الْعَرَبِ الْمَشْهُورَةُ «أَيَّامَ الْعَرَبِ» .
وَالْعَقِيمُ: الْمَرْأَةُ الَّتِي لَا تَلِدُ استعير الْعَقِيم للمشؤوم لِأَنَّهُمْ يَعُدُّونَ الْمَرْأَةَ الَّتِي لَا تَلد مشؤومة.
فَالْمَعْنَى: يَأْتِيَهُمْ يَوْمٌ يُسْتَأْصَلُونَ فِيهِ قَتْلًا: وَهَذَا إِنْذَارٌ بِيَوْم بدر.
[56- 59]

[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 56 إِلَى 59]
الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (57) وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59)

الصفحة 308