كتاب التحرير والتنوير (اسم الجزء: 18)
وَالْكَلَامُ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِعْرَاضِ بَعْضِ قَوْمِهِ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَلِذَلِكَ عَقَّبَ بِقَوْلِهِ:
أَتَصْبِرُونَ، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْحَثِّ وَالْأَمْرِ كَقَوْلِهِ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [الْمَائِدَة:
91] .
وَمَوْقِعُ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً مَوْقِعُ الْحَثِّ عَلَى الصَّبْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ، أَيْ هُوَ عَلِيمٌ بِالصَّابِرِينَ، وَإِيذَانٌ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يُضَيِّعُ جَزَاءَ الرَّسُولِ عَلَى مَا يُلَاقِيهِ مِنْ قَوْمِهِ وَأَنَّهُ نَاصِرُهُ عَلَيْهِمْ.
وَفِي الْإِسْنَادِ إِلَى وَصْفِ الرَّبِّ مُضَافًا إِلَى ضَمِيرِ النَّبِيءِ إِلْمَاعٌ إِلَى هَذَا الْوَعْدِ فَإِنَّ
الرَّبَّ لَا يُضَيِّعُ أَوْلِيَاءَهُ كَقَوْلِهِ: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الْحجر: 97- 99] أَيِ النَّصْر الْمُحَقق.
الصفحة 345
351