كتاب التحرير والتنوير (اسم الجزء: 28)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

61- سُورَةُ الصَّفِّ
اشْتُهِرَتْ هَذِهِ السُّورَةُ بِاسْمِ «سُورَةِ الصَّفِّ» وَكَذَلِكَ سُمِّيَتْ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ.
رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ سَنَدَهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ أَنَّ نَاسًا قَالُوا: «لَوْ أَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ نَسْأَلُهُ عَنْ أَحَبِّ الْأَعْمَالِ» إِلَى أَنْ قَالَ: «فَدَعَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ النَّفَرَ حَتَّى جَمَعَهُمْ وَنَزَلَتْ فِيهِمْ «سُورَةُ سَبَّحَ لِلَّهِ الصَّفِّ» الْحَدِيثَ، رَوَاهُ ابْنُ كَثِيرٍ
، وَبِذَلِكَ عُنْوِنَتْ فِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» وَفِي «جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ» ، وَكَذَلِكَ كُتِبَ اسْمُهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَفِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ.
وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ وُقُوعُ لفظ صَفًّا [الصَّفّ: 4] فِيهَا وَهُوَ صَفُّ الْقِتَالِ، فَالتَّعْرِيفُ بِاللَّامِ تَعْرِيفُ الْعَهْدِ.
وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ فِي «الْإِتْقَانِ» : أَنَّهَا تُسَمَّى «سُورَةَ الْحَوَارِيِّينَ» وَلَمْ يُسْنِدْهُ. وَقَالَ الْآلُوسِيُّ تُسَمَّى «سُورَةَ عِيسَى» وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نِسْبَتِهِ لِقَائِلٍ. وَأَصْلُهُ لِلطَّبْرَسِيِّ فَلَعَلَّهُ أُخِذَ مِنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ فِي فَضْلِهَا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ بِلَفْظِ «سُورَةِ عِيسَى» . وَهُوَ حَدِيثٌ مَوْسُومٌ بِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ. وَالطَّبَرْسِيُّ يُكْثِرُ مِنْ تَخْرِيجِ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ. فَتَسْمِيَتُهَا «سُورَةَ الْحَوَارِيِّينَ» لِذِكْرِ الْحَوَارِيِّينَ فِيهَا. وَلَعَلَّهَا أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ ذُكِرَ فِيهَا لَفْظُ الْحَوَارِيِّينَ.
وَإِذَا ثَبَتَ تَسْمِيَتُهَا «سُورَةَ عِيسَى» فَلِمَا فِيهَا مِنْ ذكر عِيسَى [الصَّفّ: 6 و14] مَرَّتَيْنِ

الصفحة 171