كتاب التحرير والتنوير (اسم الجزء: 28)

جَاهَدُوا وَلَكِنَّهُ صَبَرَ وَصَبَرُوا حَتَّى أَظْهَرَ اللَّهُ دِينَ النَّصْرَانِيَّةِ وَانْتَشَرَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ دَبَّ إِلَيْهِ التَّغْيِيرُ حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَامُ فَنَسَخَهُ مِنْ أَصْلِهِ.
وَالْأَنْصَارُ: جَمْعُ نَصِيرٍ، وَهُوَ النَّاصِرُ الشَّدِيدُ النَّصْرِ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَأَبُو جَعْفَر كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ بِتَنْوِينِ أَنْصَارًا وَقَرَنَ اسْمَ الْجَلَالَةِ بِاللَّامِ الْجَارَّةِ فَيَكُونُ أَنْصَارًا مُرَادًا بِهِ دَلَالَةُ اسْمِ الْفَاعِلِ الْمُفِيدِ لِلْإِحْدَاثِ، أَيْ مُحْدِثِينَ النَّصْرَ، وَاللَّامُ لِلْأَجْلِ، أَيْ لِأَجْلِ اللَّهِ، أَيْ نَاصِرِينَ لَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَلا ناصِرَ لَهُمْ [مُحَمَّد: 13] .
وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ بِإِضَافَةِ أَنْصارَ إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ بِدُونِ لَامٍ عَلَى اعْتِبَارِ أَنْصَارٍ كَاللَّقَبِ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ: مَنْ أَنْصارِي.
وَالتَّشْبِيهُ بِدَعْوَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ وَجَوَابُ الْحَوَارِيِّينَ تَشْبِيهُ تَمْثِيلٍ، أَي كونُوا عِنْد مَا يدعوكم مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى نَصْرِ اللَّهِ كَحَالَةِ قَوْلِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ وَاسْتِجَابَتِهِمْ لَهُ.

الصفحة 199