كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

الخمار صلَّتْ بدونه, وصحَّت صلاتُها.
وكذلك قوله: "لا يقبلُ الله صلاةَ أحدِكُم إذا أحْدَث حتى يتوضّأ" (¬١) فإنه لو تعذَّر عليه الوضوء صلى بدونه, وكانت صلاته مقبولة.
وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُجزِئ صلاةٌ لا يقيمُ الرجلُ فيها صُلْبَه في الرّكوع والسجود" (¬٢) فإنه لو كُسِر صُلبه وتعذَّر عليه إقامته أجزأته صلاته. ونظائره كثيرة. فكون (¬٣) الطهور مفتاحًا للصلاة هو من هذا.
لكن هنا نظرٌ آخر, وهو أنه إذا لم يمكن اعتبار الطهور عند تعذُّره، فإنه يسقط وجوبه, فمن أين لكم أن الصلاة تُشرع بدونه في هذه الحال؟ وهذا حَرْف المسألة, وهلَّا قلتم: إن الصلاة بدونه كالصلاة مع الحيض غير مشروعة, لمَّا كان الطهور غير مقدور للمرأة, فلمَّا صار مقدورًا لها شُرعت لها الصلاة وترتَّبت في ذمتها، فما الفرق بين العاجز عن الطهور شرعًا والعاجز عنه حسًّا؟ فإنّ كلًّا منهما غير متمكِّن من الطهور؟
---------------
(¬١) تقدم تخريجه.
(¬٢) أخرجه أبو داود (٨٥٥)، والترمذي (٢٦٥)، والنسائي (١٠٢٧)، وابن ماجه (٨٧٠)، وأحمد (١٧٠٧٣)، وابن خزيمة (٦٦٦)، وابن حبان (١٨٩٢)، وغيرهم من حديث أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه -. قال الترمذي: "حسن صحيح"، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني في "السنن" (١٣١٥).
(¬٣) رسمها في الأصل: "فيكون" والظاهر ما أثبتناه.

الصفحة 22