كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وبيانه: أن "أَفْعَل" التفضيل إذا نُكِّر وأُطْلِق تضمَّن من عموم المفضّل عليه وإطلاقه (¬١) ما لم يتضمنه المعرَّف.
فإذا قيل: "الله أكبر" كان معناه: من كلّ شيء. وأما إذا قيل: "الله الأكبر" فإنه يتقيَّد معناه ويتخصَّص, ولا يُستعمل هذا إلا في مُفضّل معيّن على مفضّل (¬٢) عليه معيّن, كما إذا قيل: من أفضل, أزيد أم عمرو؟ فيقول: زيد الأفضل. هذا هو المعروف في اللغة والاستعمال. فإن أداة "مِن" (¬٣) لا يمكن أن يؤتى بها مع "اللام" (¬٤). وأما بدون "اللام" فيؤتى بالأداة, فإذا حذف المفضّل عليه مع الأداة أفاد التعميم, وهذا لا يتأتى مع اللام.
وهذا المعنى مطلوب من القائل: "الله أكبر" بدليل ما روى الترمذيُّ من حديث عَديّ بن حاتم الطويل: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "ما يُفِرُّك؟ أيُفِرُّك (¬٥) أن يقال: الله أكبر, فهل تعلم شيئًا أكبر من الله؟ " (¬٦). وهذا مطابقٌ لقوله تعالى:
---------------
(¬١) في ط. المعارف: "عموم الفضل وإطلاقه عليه" خلاف الأصل.
(¬٢) "معين على مفضل" سقط من ط. الفقي.
(¬٣) في ط. الفقي: "التعريف".
(¬٤) في ط. الفقي: "من" بدل "اللام" في كلا الموضعين.
(¬٥) ط. الفقي: "يضرك .. " في الموضعين، ورسمها في الأصل محتمل، وهو خطأ، والمثبت هو الذي في كتب المؤلف "زاد المعاد": (٣/ ٤٥٠، ٥٨١)، و"هداية الحيارى" (ص ٦٧) وفي مصادر الحديث. ومعنى "يفرّك" أي: يحملك على الفرار.
(¬٦) أخرجه الترمذي (٢٩٥٣)، وأحمد (١٩٣٨١)، وابن حبان (٧٢٠٦). قال الترمذي: "حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب". وفي سنده عبّاد بن حُبَيش، قال الذهبي: لا يُعرف، وذكره ابن حبان في "الثقات": (٥/ ١٤٢). وسماك في حفظه مقال، ولبعض ألفاظ الحديث شواهد.

الصفحة 28