كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وفي لفظٍ: «مَن عَمِل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو رَدّ» (¬١). والرّدُّ فَعْل بمعنى المفعول, أي: فهو مردود, وعَبَّر عن المفعول بالمصدر مبالغةً, حتى كأنه نفس الردّ.
وهذا تصريح بإبطالِ كلِّ عملٍ على خلاف أمره, وردّه وعدم اعتباره في حكمه المقبول. ومعلومٌ أن المردود هو الباطل بعينه, بل كونه ردًّا أبلغ من كونه باطلًا, إذ الباطل قد يقال لما لا نفع فيه, أو لما منفعتُه قليلة جدًّا، وقد يُقال لما يُنتفَع به ثم يبطل نفعُه, وأما المردود فهو الذي لم يُجْدِ (¬٢) شيئًا ولم يترتَّب عليه مقصودُه أصلًا.
قالوا: فالمطلِّق في الحيض قد طلّق طلاقًا ليس عليه أمر الشارع, فيكون مردودًا, فلو صحّ ولزم لكان مقبولًا منه, وهو خلاف النص.
قالوا: وأيضًا فالشارع أباح للمكلَّف مِن الطلاق قدرًا معلومًا في زمن مخصوص، ولم يُمَلِّكه أن يتعدَّى القدرَ الذي حُدَّ له, ولا الزمنَ الذي عُيِّن له, فإذا تعدَّى ما حُدَّ له من العدد كان لغوًا باطلًا, فكذلك إذا تعدَّى ما حُدَّ له من الزمان يكون لغوًا باطلًا, وإلّا (¬٣) فكيف يكونُ عدوانه في الوقت صحيحًا معتبرًا لازمًا, وعدوانه في العدد لغوًا باطلًا؟
---------------
(¬١) أخرجه مسلم (١٧١٨/ ١٨) من حديث عائشة - رضي الله عنها -. وأخرجه البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨/ ١٧) من حديثها أيضًا بلفظ: «مَن أحْدَث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».
(¬٢) ط. الفقي: «يجعله».
(¬٣) سقطت «وإلا» من الطبعتين، وهي في (هـ، ش)، وملحقه في الأصل فوق «فكيف» مصححًا عليها».

الصفحة 490