كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وذَكَره ابن حزم في كتاب «المحلى» (¬١) بإسناده من طريق الخُشَني. وهذا إسناد صحيح.
قالوا: وقد روى الدارقطني في «سننه» (¬٢) بإسنادٍ شيعي عن أبي الزبير قال: «سألتُ ابنَ عمر عن رجل طلَّق امرأتَه ثلاثًا وهي حائض؟ فقال لي: أتعرف عبدَ الله بن عمر؟ قلت: نعم, قال: طلّقتُ امرأتي ثلاثًا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -[وهي حائض] فردَّها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السنة». قال الدارقطني: كلهم شيعة, ولم يَزِدْ على هذا (¬٣).
ولكن هذا الحديث باطل قطعًا, ولا يُحتجّ به, وإنما ذكرناه للتعريف بحاله، ولو كان إسناده ثقاتًا لكان غلطًا, فإن المعروف من رواية الأثبات عن ابن عمر: أنه إنما طلق تطليقةً واحدةً, كما رواه مسلم في «الصحيح» (¬٤) من حديث يونس بن جبير.
ولكن لو حاكمنا منازعينا إلى ما يقرّون به من أن رواية أهل البدع مقبولة, فكم في «الصحيح» من رواية الشيعة الغلاة, والقدرية, والخوارج, والمرجئة, وغيرهم= لم يتمكَّنوا من الطعن في هذا الحديث بأن رواتَه شيعة, إذ مجرَّد كونهم شيعة لا يوجبُ ردَّ حديثهم (¬٥).
---------------
(¬١) (٩/ ٣٧٥، ٣٨١).
(¬٢) (٣٩٠٢) وما بين المعقوفين منه.
(¬٣) في «السنن» عقبه: «والمحفوظ أن ابن عمر طلّق امرأته واحدةً في الحيض».
(¬٤) (١٤٧١).
(¬٥) قال الحافظ الذهبي في «الميزان»: (١/ ٥ - ٦): «البدعة على ضربين: فبدعة صغرى كغلو التشيع، أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرّف، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق. فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بينة.
ثم بدعة كبرى، كالرفض الكامل والغلو فيه، والحط على أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -، والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لا يحتجّ بهم ولا كرامة. وأيضًا فما أستحضر الآن في هذا الضرب رجلًا صادقًا ولا مأمونًا، بل الكذب شعارهم، والتقية والنفاق دثارهم، فكيف يقبل نقل من هذا حاله؟! حاشا وكلا.
فالشيعي الغالي في زمان السلف وعُرْفِهم هو مَن تكلم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب عليًّا - رضي الله عنه -، وتعرّض لسبّهم.
والغالي في زماننا وعُرْفِنا هو الذي يكفّر هؤلاء السادة، ويتبرأ من الشيخين أيضًا، فهذا ضالّ معثَّرٌ».

الصفحة 494