كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

الحيض, وتحريم طلاقها, فتكون واجبةً.
ثم اختلف الموجبون للرجعة في علّة ذلك؛ فقالت طائفة: إنما أمَرَه برجعتها ليقعَ الطلاقُ الذي أراده في زمن الإباحة, وهو الطُّهْر الذي لم يمسّها فيه, فلو لم يرتجعها لكان الطلاق الذي ترتّبَتْ عليه الأحكامُ هو الطلاق المحرَّم, والشارعُ لا يرتِّب الأحكامَ على طلاق محرَّمٍ, فأمَر برجعتها, ليطلقها طلاقًا مباحًا يترتَّب عليه أحكام الطلاق.
وقالت طائفة: بل أمره برجعتها عقوبةً له على طلاقها في زمن الحيض, فعاقبه بنقيض قصدِه, وأمره بارتجاعها عكس مقصوده.
وقالت طائفة: بل العلة في ذلك أن تحريم الطلاق في زمن الحيض معلَّل بتطويل العِدّة، فأَمَر (¬١) برجعتها ليزول المعنى الذي حُرِّم الطلاقُ في الحيض لأجله.
وقال بعضُ الموجِبين: إن أبى رَجْعَتها أُجبِر عليها، فإن امتنع ضُرِب وحُبِس, فإن أصرّ حُكِم عليه برجعتها، وأُشْهِد أنه قد ردَّها عليه, فتكون امرأته, يتوارثان, ويلزمه جميع حقوقها, حتى يفارقها فراقًا ثانيًا. قاله أصبغ وغيره من المالكية (¬٢).
ثم اختلفوا. فقال مالك: يُجْبَر على الرجعة وإن طهرت, ما دامت في العدة, لأنه وقت للرجعة. وقال أشهب: إذا طهرت ثم حاضت ثم طهرت لم تجب رجعتها في هذه الحال وإن كانت في العدة, لأنه لا يجب عليه
---------------
(¬١) ط. الفقي: «فأمره» وط. المعارف: «وأمر» خلاف الأصل و (هـ، ش).
(¬٢) ينظر «النوادر والزيادات»: (٥/ ٩٠ - ٩١)، و «التاج والإكليل»: (٤/ ٤٠).

الصفحة 500