كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

طلّقها, لم يَدْر أحاملًا أم حائلًا, ولم تدرِ المرأةُ أعِدّتها بالحمل أم بالأقراء, فكان الضرر عليهما في هذا الطلاق أشدّ من الضرر في طلاقها وهي حائض, فلا تحتسب ببقية ذلك الطهر قُرءًا, كما لم يحتسب الشارع به في جواز إيقاع الطلاق فيه.
وهذا التفريع كلُّه على أقوال الأئمة والجمهور. وأما من لم يوقع الطلاقَ البدعيَّ فلا يحتاج إلى شيء من هذا.
وقوله: «ليطلقها طاهرًا أو حاملًا» دليل على أن الحامل طلاقها سُنّي, قال ابن عبد البر (¬١): «لا خلافَ بين العلماء أن الحامل طلاقها للسنة». قال الإمام أحمد: أذهَبُ إلى حديث سالم، عن أبيه: «ثم ليطلِّقْها طاهرًا أو حاملًا» (¬٢).
وعن أحمد رواية أخرى أن طلاق الحامل ليس بسُنّي ولا بدعيّ, وإنما يثبت لها ذلك من جهة العدد, لا من جهة الوقت (¬٣).
ولفظة «الحمل» في حديث ابن عمر انفرد بها مسلمٌ وحدَه (¬٤) في بعض طرق الحديث. ولم يذكرها البخاري. فلذلك لم يكن طلاقها سنيًّا ولا بدعيًّا, لأن الشارع لم يمنع منه.
فإن قيل: إذا لم يكن سُنيًّا كان طلاقها بدعيًّا, لأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنما أباح
---------------
(¬١) في «التمهيد»: (١٥/ ٨٠). وينظر «الاستذكار»: (١٨/ ١٢).
(¬٢) ينظر «المغني»: (١٠/ ٣٣٥).
(¬٣) كما في «الفروع»: (٩/ ٢٢)، و «الإنصاف»: (٨/ ٤٥٩).
(¬٤) (١٤٧١/ ٥).

الصفحة 511