كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وقال بعضهم: الإجماع منعقدٌ على خلاف هذا الحديث, والإجماعُ معصومٌ من الغلط والخطأ, دون خبر الواحد.
وقال بعضهم: إنما هذا في طلاق البتة. فإنها كانت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يراد بها الواحدة, كما أراد بها رُكَانة, ثم تتايع (¬١) الناسُ فيها، فأرادوا بها الثلاث، فألزمهم عُمر إيّاها.
فهذه عشرة مسالك للناس في ردِّ هذا الحديث (¬٢).
وقال أبو بكر بن عربي (¬٣) المُعَافري في كتابه «الناسخ والمنسوخ» (¬٤): «(غائلة) قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة:٢٢٩]: زلَّ قومٌ في آخر الزمان فقالوا: إن الطلاق الثلاث في كلمة لا يلزم، وجعلوه واحدة, ونسبوه إلى السلف الأول, فحكوه عن عليٍّ والزبير وعبدالرحمن بن عوف وابن مسعود وابن عباس, وعزوه إلى الحجَّاج بن أرطاة الضعيف المنزلة, المغموز (¬٥) المرتبة, ورووا في ذلك حديثًا ليس له أصل.
وغوى قومٌ مِن أهل المسائل، فتتبعوا الأهواءَ المبتدعةَ فيه, وقالوا: إن
---------------
(¬١) الأصل والمطبوعات: «تتابع» والظاهر ما أثبت، وقد مضى التعليق على مثل هذه الكلمة فيما سلف فلا نعيده.
(¬٢) وانظر في نقد هذه المسالك «زاد المعاد»: (٥/ ٢٤٢ - ٢٤٨) ووصفها بأنها مسالك وعرة لا يصح منها شيء.
(¬٣) كذا في الأصل و (ش)، وغيّرت في الطبعتين إلى «العربي».
(¬٤) (٢/ ٧٧ - ٩١) والنص إلى آخر هذا المبحث منه.
(¬٥) في الأصل غير معجمة، وفي ط. المعارف: «المغمور» وما أثبته مناسب للسياق، والمعنى أنه متكلّم فيه من قبل حفظه، ومرتبته في الثقة مغموزة.

الصفحة 531