كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

قوله: «أنت طالق ثلاثًا» كذب, لأنه لم يُطلّق ثلاثًا, كما لو قال: «طلقت ثلاثًا» , ولم يطلِّق إلا واحدة, وكما لو قال: «أحلف ثلاثًا» , كانت يمينًا واحدة.
(منبهة): لقد طوَّفتُ في الآفاق, ولقيتُ من علماء الإسلام وأرباب المذاهب كلَّ صفّاق (¬١)، فما سمعتُ لهذه المقالة بخبر, ولا حَسِسْتُ لها بأثر (¬٢) , إلا الشيعة الذين يرون نكاح المتعة جائزًا ولا يرون الطلاق واقعًا. ولذلك قال فيهم ابن سُكّرة الهاشمي (¬٣):
يا مَن يرى المتعةَ في دينه ... حلًّا (¬٤) , وإن كانَتْ بلا مهر
ولا يرى سبعين تطليقة ... تَبِينُ منه رَبَّةُ الخِدْر
من ها هنا طابت مواليدُكم ... فاغتنموها يا بني النظر (¬٥)

وقد اتفق علماء الإسلام, وأرباب الحلِّ والعقد في الأحكام, على أن الطلاق الثلاث في كلمة ــ وإن كان حرامًا في قول بعضهم, وبدعةً في قول الآخرين ــ لازمٌ, وأين هؤلاء البؤساء من عالم الدين, وعَلَم الإسلام
---------------
(¬١) ط. الفقي: «صادق» تصحيف، وفي «الناسخ»: «صفّاق آفاق».
(¬٢) كذا قال ابن العربي, مع أنه حكى قبل قليل عددًا ممن قال بها, وقد جمع د. سليمان العمير من قال بها في جزء مفرد بعنوان «تسمية المفتين بأن الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة»، فبلغوا إلى عصر ابن العربي اثنين وعشرين عالمًا.
(¬٣) هو أبو الحسن محمد بن عبد الله بن سكّرة الهاشمي (ت ٣٨٥)، ترجمته في «تاريخ بغداد»: (٥/ ٤٦٥ - ٤٦٦) و «تاريخ الإسلام»: (١٦/ ٥٨٣). وله ديوان شعر كبير.
(¬٤) في «الناسخ»: «حلالًا».
(¬٥) كذا في الأصل و (ش)، وفي «الناسخ»: «صخر».

الصفحة 532