كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

أن التحريم كان من يومئذ.
وإذا ثبت هذا فأبو العاص بن الربيع إنما أسلم في زمن الهدنة بعد ما أخذت سرية زيد بن حارثة ما معه, فأتى المدينةَ فأجارته زينب, فأنفذ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جوارها, ودخل عليها فقال: «أي بنيَّة, أكرمي مثواه, ولا يخلُصُ إليك, فإنك لا تحلين له» (¬١). وكان هذا بعد نزول آية التحريم في الممتحنة.
ثم إن أبا العاص رجع إلى مكة, فأدَّى ما كان عنده من بضائع أهل مكة, ثم أسلم, وخرج إلى المدينة، فلم يطل الزمان بين إسلامه ونزول آية التحريم، فردَّها عليه بالنكاح الأول.
الثامن: أن حديث ابن عباس في قصته منسوخ, وسلك ذلك الطحاوي (¬٢) , وادَّعى أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -[ردَّها إليه] (¬٣) بعد رجوعه من بدر حين أسِر, وروى في ذلك عن الزهري: «أنه أُخِذ أسيرًا يوم بدر، فأُتيَ به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فردَّ عليه ابنته» , ثم إن الله سبحانه حرم نكاح الكفار في قصة الممتحنة.
التاسع: ما حكاه (¬٤) عن بعض أصحابهم في الجمع بين الحديثين، بأن عبد الله بن عَمرو علمَ تحريم نكاح الكافر, فلم يكن ذلك عنده إلا بنكاح جديد، فقال: «ردَّها عليه بنكاح جديد» , ولم يعلم ابنُ عباس بالتحريم, فقال: «ردَّها بالنكاح الأول» , لأنه لم يكن عنده بينهما فسخ نكاح.
---------------
(¬١) أخرجه الحاكم: (٣/ ٢٣٦ - ٢٣٧)، والطبراني في «الكبير»: (٢٢/ ٤٢٦).
(¬٢) في «شرح معاني الآثار»: (٣/ ٢٦٠).
(¬٣) زيادة يتم بها السياق.
(¬٤) يعني الطحاوي في كتابه السالف: (٣/ ٢٥٦)، وقد حكاه عن محمد بن الحسن الشيباني.

الصفحة 550