كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فقد تبين أنه ليس في السنة ما يعارض حديث فاطمة، كما أنه ليس في [ق ١١٠] الكتاب ما يعارضه. وفاطمة امرأة جليلة من فقهاء الصحابة غير متّهمَة في الرواية.
وما يرويه بعض الأصوليين: «لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت؟» غلط، ليس في الحديث (¬١)،
وإنما الذي في الحديث: «حفظت أو (¬٢) نسيت؟» هذا لفظ مسلم.
قال هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد أنه ذكر عند الشعبي قول عمر هذا: «حفظت أم نسيت؟»، فقال الشعبي: امرأة من قريش ذات عقل ورأي
---------------
(¬١) من أوائل مَن ذكره من الأصوليين: أبو زيد الدَّبوسي الحنفي (ت ٤٣٠) في «تقويم الأدلة» (ص ١٨٣)، وأبو الحسين البصري المعتزلي (ت ٤٣٦) في «المعتمد» (٢/ ٥٩٤)، ثم تتابع الأصوليون بعدهما، كأبي إسحاق الشيرازي والبزدوي والسرخسي والغزالي والرازي والآمدي في آخرين، على ذكره في مؤلفاتهم الأصولية، في مبحث نسخ المتواتر بالآحاد، أو في مبحث قبول خبر الواحد.
ولهذا الغلط أصل في بعض كتب الرواية:
- رواه أبو يوسف في كتاب «الآثار» (٦٠٨) من طريق أبي حنيفة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن عمر باللفظ المذكور. ولا يصحّ، فإن من دون إبراهيم فيهم لين، ولفظه منكر مخالف لرواية مغيرة الضبّي ــ وهو ثقة متقن ــ عن إبراهيم بلفظ: «لا ندري أحفظت أم نسيت»، أخرجه الترمذي (١١٨٠).

- رواه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣/ ٦٧) من طريق آخر بلفظ: «لا ندري لعلها كذبت»، وهو عند مسلم من نفس الطريق بلفظ: «لعلها حفظت أو نسيت»، فالغلط إما من الطحاوي أو شيخه أبي بكرة بكّار بن قتيبة القاضي.
(¬٢) في الأصل: «أم»، ولعله تصحيف ما أثبته من «صحيح مسلم» (١٤٨٠/ ٤٦).

الصفحة 578