كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ومنها: احتجاج الأكثرين به على سقوط النفقة للمبتوتة التي ليست بحامل.
فما بال حديثها محتجًّا به في هذه الأحكام دون سقوط السكنى؟! فإن كانت حفظته فهو حجة في الجميع، وإن لم يكن محفوظًا لم يَجُز أن يحتج به في شيء. والله أعلم.
وقال الشافعي في القديم (¬١): فإن قال قائل: فإن عمر بن الخطاب اتهم حديث فاطمة بنت قيس وقال: «لا ندع كتاب ربنا لقول امرأة». قلنا: لا نعرف أن عمر اتهمها، وما كان في حديثها ما تُتَّهم له، ما حدَّثتْ إلا بما يجب، وهي امرأة من المهاجرين لها شرف وعقل وفضل. ولو رُدَّ شيء من حديثها كان إنما يرد منه أنه أمرَها بالخروج من بيت زوجها، فلم تذكر هي: لِمَ أُمرتْ بذلك؟ وإنما أمرت به لأنها استطالت على أحمائها، فأُمرت بالتحول عنهم للشر بينها وبينهم، فكأنهم أحبّوا لها ذكر السبب الذي له أُخرجت، لئلا يذهب ذاهب إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن تعتد المبتوتة حيث شاءت في غير بيت زوجها.
وهذا الذي ذكره الشافعي هو تأويل عائشة بعينه، وبه أجابت مروان لما احتج عليها بالحديث، كما تقدم. ولكن هذا التأويل مما لا يصلح دفعُ الحديث به من وجوه:
أحدها: أنه ليس بمذكور في القصة، ولا عُلِّق عليه الحكم قط، لا باللفظ ولا بالمفهوم، وإن كان واقعًا فتعليق الحكم به تعليقٌ على وصفٍ لم
---------------
(¬١) نقله البيهقي في «معرفة السنن» (١١/ ٢٩٠ - ٢٩١).

الصفحة 580