كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وقالت طائفة: سرره هنا وسطه، وسِرُّ كل شيء جوفه. قال البيهقي (¬١): فعلى هذا أراد أيام البيض. هذا آخر كلامه. ورُجِّحَ هذا بأن في بعض الروايات فيه: «أصمت من سُرّة هذا الشهر؟» (¬٢)، وسُرَّته: وسطه، كسرة [ق ١١٤] الآدمي.
وقالت طائفة: هذا على سبيل استفهام الإنكار، والمقصود منه الزجر. قال ابن حبان في «صحيحه» (¬٣): وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أصمت من سرر هذا الشهر؟» لفظةُ استخبارٍ عن فعلٍ، مرادُها الإعلام بنفي جواز استعمال ذلك الفعل [المستخبَر] عنه، كالمنكِر عليه لو فعله. وهذا كقوله لعائشة: «أتسترين الجدار؟» (¬٤) وأراد به الإنكار عليها بلفظ الاستخبار. وأَمْرُه - صلى الله عليه وسلم - بصوم يومين من شوال أراد به انتهاء (¬٥) السِّرار، وذلك أن الشهر إذا كان تسعًا وعشرين يَستَسِرُّ القمر يومًا واحدًا، وإذا كان الشهر ثلاثين يستسرّ القمر
---------------
(¬١). في «الكبرى» (٤/ ٢١١).
(¬٢). أخرجها مسلم (١١٦١/ ١٩٥) عن عبد الله بن محمد الضبعي، عن مهدي بن ميمون، عن غيلان، عن مطرف، عن عمران بن حصين. وعبد الله الضبعي قد تفرد بهذا اللفظ، فالحديث عند أحمد (٢٠٠٠٦) والبخاري (١٩٨٣) من ثلاثة طرق عن مهدي به بلفظ: «سرر»، فضلًا عن الطرق الأخرى عن مطرف به.
(¬٣). عقب الحديث (٣٥٨٨)، وما بين الحاصرتين منه.
(¬٤). أخرجه أحمد (٢٦١٠٣) وابن حبان (٥٨٤٣)، وأصله في البخاري (٦١٠٩) ومسلم (٢١٠٧) دون موضع الشاهد.
(¬٥). في ط. المعارف و «الإحسان» (ط. الرسالة): «أنّها»، تصحيف، والمثبت من الأصل موافق «للتقاسيم والأنواع» (٣/ ٢٧٣) وللنقل عنه في «سير أعلام النبلاء» (١٦/ ٩٩).

الصفحة 16