كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

كان مساءً في وقت الفطر، فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أنهما قد أفطرا، ودخلا في وقت الفطر، يعني فليصنعا ما أحبّا.
السادس: أن هذا تغليظ ودعاء عليهما، لا أنه أخبر عن حكمٍ شرعي بفطرهما.
السابع: أن إفطارهما بمعنى إبطال ثواب صومهما، كما جاء: «خمس يفطرن الصائم: الكذب، والغيبة، والنميمة، والنظرة السوء، واليمين الكاذبة» (¬١)، وكما جاء: «الحدث حدثان: [حدث الفَرْج، و] حدث اللسان، وهو أشدهما» (¬٢).
الثامن: أنه لو قُدِّر تعارض الأخبار جملةً لكان الأخذ بأحاديث الرخصة أولى لتأيُّدها بالقياس، وشواهد أصول الشريعة لها، إذ الفطر إنما قياسه أن يكون بما يدخل الجوف لا بالخارج منه، كالفِصاد والتشريط ونحوه.
قال المفطرون: ليس في هذه الأجوبة شيء يصح.
أما جواب المعللين فباطل، فإن الأئمة العارفين بهذا الشأن قد تظاهرت أقوالهم بتصحيح بعضها كما تقدم. والباقي: إما حسن يصلح للاحتجاج به
---------------
(¬١). روي من حديث أنس مرفوعًا. وهو موضوع مكذوب على النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: «العلل» لابن أبي حاتم (٧٦٦)، و «الأباطيل» للجَوْرقاني (١/ ٥٢٨ - ٥٢٩)، و «الموضوعات» لابن الجوزي (١١٣١).
(¬٢). أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (١/ ١٨٥، ٢٣١، ٢٣٢)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٦٢٩٨) عن ابن عباس موقوفًا عليه، من طرق يشد بعضها بعضًا. وقد روي مرفوعًا ولا يصحّ. انظر: «الأباطيل والمناكير» للجَوْرقاني (١/ ٥٣٠)، و «العلل المتناهية» (١/ ٣٦٥).

الصفحة 42