كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

الثاني: أن ذكر الحجامة فيه ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن خزيمة (¬١): الصحيح أن ذكر الحجامة فيه من كلام أبي سعيد، ولكن بعض الرواة أدرجه فيه.
الثالث: أنه ليس فيه بيان للتاريخ، ولا يدل على أن هذا الترخيص كان بعد الفتح، وقولكم: «إن الرخصة لا تكون إلا بعد النهي» باطل بنفس الحديث، فإن فيه: «رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القبلة للصائم»، ولم يتقدّم منه نهي عنها، ولا قال أحد: إن هذا الترخيص فيها ناسخ لمَنْعٍ تقدَّم. وفي الحديث: «إن الماء من الماء كانت رخصة في أول الإسلام» (¬٢)، فسمى الحكم المنسوخ رخصة، مع أنه لم يتقدم حظره، بل المنع منه متأخر.
وبالجملة، فهذه المآخذ لا تفيد مقاومةً لأحاديث الفطر، ولا تأخُّرًا عنها، فكيف تُنسخ بها؟!
قالوا: وأما جوابكم الثالث بأن الفطر فيها لم يكن للحجامة، وذكر الحاجم للتعريف المحض، كزيد وعمرٍو= ففي (¬٣) غاية البطلان من وجوه:
أحدها: أن ذلك يتضمن الإيهام (¬٤) والتلبيس، بأن يَذكر وصفًا يُرتِّب
---------------
(¬١). عقب الحديث (١٩٦٧).
(¬٢). أخرجه أحمد (٢١١٠٠)، وأبو داود (٢١٥)، والترمذي (١١٠)، وابن خزيمة (٢٢٥)، وابن حبان (١١٧٣) من حديث سهل بن سعد، عن أُبي بن كعب - رضي الله عنهما - موقوفًا عليه.
(¬٣). في الطبعتين: «في» خلافًا للأصل.
(¬٤). في الطبعتين: «الإبهام»، تصحيف.

الصفحة 53