كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

عليه الحكم ولا يكون له فيه تأثير البتة.
الثاني: أن هذا يُبطل عامة أحكام الشرع التي (¬١) رتّبها على الأوصاف، إذا تطرَّق إليها هذا الخيال والوهم الفاسد، كقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا} [النور: ٢]، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]، {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ} [النساء: ١٨]. ومعلوم أنه ليس بأيدينا إلا أوصاف رُتِّبت عليها الأحكام، فإن جاز أن تكون تلك الأوصاف للتعريف لا للتعليل بطلت الأحكام.
الثالث: أنه لا يَفهم قط (¬٢) أحدٌ من الخاصة والعامة مِن قول القائل: «القاتل لا يرث» و «العبد لا يرث» و «الكافر لا يرث» و «القاذف لا تُقبل شهادته» و «المُحْدِث لا تصحّ صلاته» وأمثال ذلك= إلا تَعلُّقَ الأحكام بتلك الأوصاف. ولهذا لا يَحسُن ذكر وصفٍ لا تأثير له في الحكم، كما لو قال: أفطر الخيّاط والمخيط له، وأفطر الحامل والمحمول له، وأفطر الشاهد والمشهود له!! ومن قال هذا عُدَّ كلامه سُخْفًا، وتعجَّب الناس من قوله، فكيف يضاف ذلك إلى الشارع؟! سبحانك هذا بهتان عظيم!
الرابع: أن هذا قدح في أفهام الصحابة الذين هم أعرف الناس وأفهم الناس بمراد نبيهم، وبمقصوده من كلامه، وقد قال أبو موسى لرجل قال له:
---------------
(¬١). في الأصل: «الذي»، وهو سهو.
(¬٢). «قط» أوقعه المؤلف هنا وفي مواضع أخرى من كتبه موقع «أبدًا»، والصواب أنه ظرف مختص بالمُضيّ. انظر: «درّة الغوّاص في أوهام الخواص» (الوهم التاسع).

الصفحة 54