كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

ألا تحتجم نهارًا؟ أتأمرني أن أُهَرِيقَ دمي وأنا صائم وقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أفطر الحاجم والمحجوم»؟ (¬١).
والذين فطَّروا بذلك من الصحابة كعلي وأبي موسى وغيرهم إنما يحتجون بالحديث. وكان جماعة من الصحابة لا يحتجمون في الصيام إلا ليلًا، منهم عبد الله بن عمر وابن عباس وأبو موسى وأنس، ويحتجّون بالحديث (¬٢).
الخامس: أن هذا يتضمن تعليق الحكم ــ وهو الفطر ــ بوصفٍ لا ذِكر له في الحديث أصلًا، وإبطالَ تعليقه بالوصف الذي علقه به الشارع، وهذا من أبطل الباطل.
السادس: أنه لو صح ذلك ــ وحاشا لله ــ في قوله: «أفطر الحاجم والمحجوم»، فكيف يصح ذلك في حديث أنس الذي جعلتموه عمدتكم في الباب، وهو قوله لجعفر ــ وقد مرّ به وهو يحتجم ــ: «أفطَرَ هذان» ثم رخّص
---------------
(¬١). سبق تخريجه.
(¬٢). أثر ابن عمر أخرجه مالك (٨١٨)، وعبد الرزاق (٧٥٣١ - ٧٥٣٣)، وابن أبي شيبة (٩٤١٢، ٩٤١٣) بأسانيد صحيحة، ولكن ليس فيها أنه احتج بالحديث. وقد روي الحديث عنه، ولكن بإسناد واهٍ، وسيأتي.
وأثر ابن عباس عزاه في «المغني» (٤/ ٣٥١ - ٣٥٢) إلى الجُوزجاني، ولم يذكر أنه احتجّ بالحديث، وقد روي الحديث عنه، وقد سبق.
وحديث أبي موسى الأشعري سبق تخريجه.
وأثر أنس أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (٥/ ٣٣٨) بإسناد صحيح، وليس فيه أنه احتج بالحديث، بل الظاهر أنه كان يؤخره من أجل الضعف، بدليل ما سبق من قوله في البخاري: «لا، إلا من أجل الضعف».

الصفحة 55