كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

لتضمنه الإيهام بخلاف المراد، ولفهم الصحابة خلافه، ولاطِّراد (¬١) هذا اللفظ دون مجيئه بالمعنى الذي ذكروه، ولشدَّة مخالفته للوضع، ولذكر [الحاجم مع] (¬٢) المحجوم، فإنه وإن تعرَّض المحجوم للفطر بالضعف، فأي ضَعْف يلحق الحاجم؟
وكون الحاجم متعرِّضًا لابتلاع الدم، والمحجوم متعرضًا للضعف، هذا التعليل لا يُبطل الفطرَ بالحجامة، بل هو مقرِّر للفطر بها، وإلا فلا يجوز استنباط وصف من النص يعود عليه بالإبطال. بل هذا الوصف إن كان له تأثير في الفطر، وإلا فالتعليل به باطل.
قالوا: وأما الجواب الخامس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بهما مساءً فقال ذلك، فمما لا يجوز أن يحمل الحديث عليه، وأي تأثير للحجامة؟ بل كل الناس قد أفطر.
وأيضًا فهذا كذب، فإنه ليس في الحديث ما يدل على ذلك أصلًا، فقائله مُخبِر بالكذب.
وأيضًا فأي حاجة إلى قول أنس: «ثم رخص بعدُ في الحجامة»؟!
وأيضًا: فأي حاجة بالصحابة أن يؤخروا احتجامهم إلى الليل، وكيف يفتون الأمة بفطرهم بأمرٍ قد فُعِل مساءً لا تأثير له في الفطر؟! والحمد لله على المعافاة من رد الأحاديث بمثل هذه الخيالات!
وأما جوابكم السادس: أن هذا تغليظ ودعاء عليهما، لا أنه حكم
---------------
(¬١). في الطبعتين: «ولاضطراد» خطأ.
(¬٢). زيادة يقتضيها السياق.

الصفحة 58