كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

الخرقي (¬١)، فإنه قال في المفطِّرات: «أو احتجم»، ولم يقل: أو حجم.
الثاني، وهو منصوص الإمام أحمد: أنه يُفطِر كل منهما، وهذا قول جمهور أصحابه المتقدمين والمتأخرين (¬٢).
ثم اختلف هؤلاء في التشريط والفِصاد على ثلاثة أقوال، أحدها: أنه لا يُفْطِر بهما، والثاني: يفطر بهما، والثالث: يفطر بالتشريط دون الفصاد، لأن التشريط عندهم حجامة. واختلفوا في التشريط والفصاد: أيهما أولى بالفطر؟
والصواب: الفطر بالحجامة والفصاد والتشريط، وهو اختيار شيخنا أبي العباس ابن تيمية (¬٣)، واختيار صاحب «الإفصاح»، لأن المعنى الموجود في الحجامة موجود في الفِصاد طبعًا وشرعًا، وكذلك في التشريط، وقد بينّا أن الفطر بالحجامة هو مقتضى القياس، ولا فرق في ذلك بين الفصاد والتشريط؛ فبأيِّ وجهٍ أخرج الدم أفطر به، كما يفطر بالاستقاء بأي وجهٍ استَقاء: إما بإدخال يده في فيه، أو بشمّه ما يُقيئه، أو بوضع يده على بطنه وتَطامُنه، وغير ذلك؛ فالعبرة بخروج الدم عمدًا لا بكيفية الإخراج، كما استوى خروج الدم بذلك في إفساد الصلاة ونقض الطهارة عند القائلين به.
وبهذا يتبين توافقُ النصوص والقياس، وشهادة أصول الشرع وقواعده،
---------------
(¬١). في «مختصره» (٤/ ٣٤٩ - مع المغني).
(¬٢). انظر: «الإنصاف» (٧/ ٤١٩ - ٤٢٠).
(¬٣). انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ٢٥٦ - ٢٥٨)، و «الاختيارات» للبعلي (ص ١٦٠). وما سيأتي من كلام ابن القيم إلى آخر المسألة، فهو مأخوذ من كلام شيخه من الموضع المذكور بتصرف واختصار.

الصفحة 62