كتاب تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
الزجر عن الكي في حديث عمران بن حصين إنما هو عن الابتداء به من غير علةٍ تُوجبه، كما كانت العرب تفعله، تريد به الوشم، وحديث جابر (¬١) فيه إباحة استعماله لعلّةٍ تحدث من غير الاتكال عليه في برئها.
وفي هذا نظر. وقالت طائفة: النهي من باب ترك الأولى، ولهذا جاء في حديث السبعين الألف أنهم لا يكتوون ولا يسترقون (¬٢)، وفِعلُه يدل على إباحته.
وهذا أقرب الأقوال، وحديث عمران يدل عليه، فإنه قال: «نهانا عن الكي فاكتوينا»، فلو كان نهيه للتحريم لم يُقدِموا عليه، والله أعلم.
٢ - [ق ٢١٠] باب في الأدوية المكروهة
٤٧٣/ ٣٧٢١ - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدواء الخبيث.
وأخرجه الترمذي وابن ماجه (¬٣)، وفي حديثهما: «يعني السمَّ».
قال ابن القيم - رحمه الله - (¬٤): وذكر بعضهم أن خبث الدواء يكون من وجهين.
---------------
(¬١) في قصة سعد بن معاذ أنه لمّا أصيب في أكْحَلِه (وهو العرق في وسط الذراع) يوم الأحزاب حسمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنار. أخرجه ابن حبان (٦٠٨٣)، وهو عند مسلم (٢٢٠٨) وغيره.
(¬٢) أخرجه البخاري (٥٧٠٥) ومسلم (٢١٨).
(¬٣) أبو داود (٣٨٧٠)، والترمذي (٢٠٤٥)، وابن ماجه (٣٤٥٩)، وأخرجه أيضًا أحمد (٨٠٤٨)، والحاكم (٤/ ٤١٠) وصححه وقال: «الدواء الخبيث هو الخمر بعينه بلا شك فيه».
(¬٤) الكلام الآتي ليس على شرط المجرّد، إذ هو كلام المنذري في «المختصر» (٥/ ٣٥٥) بعينه، ليس لابن القيم فيه أي تصرّف أو زيادة، ولعله كان ساقطًا من نسخة «المختصر» التي قابل بها المجرّد «تهذيب ابن القيم» لتجريد ما فيه من الزيادات.